بيزنس الثلاثاء 11:14 م

عملية صيد فريدة تشهدها المحيطات، حيث تقوم حيتان الأوركا القاتلة -وهي المفترس الأكبر في المحيطات- بصيد أكبر سمكة في العالم وهي سمكة القرش الحوتي التي يصل طولها إلى 18 مترا.

لكي تتم عملية الصيد هذه بنجاح، تحتاج حيتان الأوركا القاتلة لآلية صيد فريدة ومميزة رصدها هذا التقرير البحثي الذي نشر مؤخرا في مجلة “فرونتيرز”، حيث حلل الباحثون لقطات الصور والفيديو التي تم جمعها من أربع عمليات افتراس فريدة امتدت على مدى ست سنوات (2018-2024) في جنوب خليج كاليفورنيا.

وبحسب التقرير البحثي، وجد الفريق أن آلية الصيد والقتل هذه تتميز بالتركيز على مهاجمة منطقة الحوض لدى سمكة القرش، مما يتسبب في نزيف شديد يسمح للحيتان القاتلة بالوصول إلى الكبد الغني بالدهون. وتكمن أهمية كبد القرش بالنسبة للحوت القاتل في احتوائه على قدر عال من السعرات الحرارية، مما يوفر طاقة إضافية للحوت.

عمل جماعي

وكان عمل حيتان الأوركا القاتلة معًا بشكل إستراتيجي وذكي للوصول إلى منطقة محددة للغاية من الفريسة مثيرا لإعجاب الباحثين، مما سلط الضوء على القدرات المذهلة للحيتان القاتلة، خاصة أن الحيتان تقوم بشكل جماعي قبل الافتراس بتوجيه ضربات مؤثرة تركز على الجانب البطني من رأس سمكة القرش الحوتية.

وتقول الباحثة المشاركة في التقرير الدكتورة فرانشيسكا بانكالدي -في تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني- إن الحيتان القاتلة تتبع إستراتيجية صيد تعتمد على ضرب السمكة ثم قلبها رأسا على عقب مما يفقدها القدرة على الحركة.

وفي تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني، يقول خبير الأحياء البحرية جيمس موسكيتو -وهو أحد المشاركين في التقرير البحثي- إن الحيتان القاتلة تقوم بالصيد والبحث عن الطعام في مجموعات، وفي حالة الهجوم على القرش الحوتي تتحرك العديد من الحيتان القاتلة لإجبار قرش الحوت على تغيير الاتجاه، ثم يتمكن فرد واحد من الحيتان من عض القرش الحوتي.

ويضيف جيمس موسكيتو أن الحيتان القاتلة تستخدم تقنيات مختلفة للوصول إلى الفريسة ويمكنها دمج هذه التقنيات جميعًا. فتستخدم الرؤية البصرية، إذ إن تحرك الحيتان في مجموعات يعطيها فرصة أكبر لرؤية الفريسة.

وتستخدم أيضا تقنية تحديد موقع الفريسة عن طريق صدى الصوت، حيث يصدر الحوت مجموعة من الأصوات، ثم يستمع الحوت بعد ذلك إلى أصداء الأصوات التي ترتد من الأجسام القريبة.

عبقرية الافتراس.. خفايا الذكاء البحري

ويقود موسكيتو مجموعات من جميع أنحاء العالم للغوص مع أسماك القرش. ومنذ عام 2000 قام باصطحاب آلاف الأشخاص لرؤية أسماك القرش البيضاء الكبيرة وقرش النمر والثور وأسماك المطرقة وأنواع مختلفة من الحيتان. ويقول جيمس إنه غاص في البحر مع الحيتان الزرقاء والحيتان الزعنفية والحيتان القاتلة والحيتان الرمادية وحيتان المنك وحيتان العنبر وغيرها، والتقط صورا ومقاطع فيديو لها.

وأيضا قامت كيلسي ويليامسون، وهي مصورة تحت الماء وخبيرة في الحفاظ على المحيطات، بالتقاط صور فريدة ومثيرة للحيتان القاتلة وهي تقوم بعملية مهاجمة وعض القرش الحوتي، وساعدت هذه الصور والمقاطع التي التقطتها ويليامسون الباحثين في هذا التقرير البحثي.

في العقد الماضي، ومع ارتفاع معدل السياحة البحرية في مناطق معينة من العالم، ومع التقدم في التكنولوجيا وتوفر كاميرات عالية الدقة بأسعار معقولة، زادت إمكانية تسجيل السائحين لأحداث نادرة متعلقة بالكائنات الحية، الذين شاركها بعضهم مع الباحثين، وفي هذه الدراسة كانت 4 أحداث من أحداث الافتراس من هذا المصدر.

ففي عام 2018 سجل مجموعة من السائحين مقاطع فيديو لذكر حوت قاتل يُقدر طوله بـ8 أمتار يقترب من سمكة قرش حوت صغيرة يُقدر طولها بـ5 أمتار فوق مستوى سطح البحر، وبعد عملية الهجوم ظهرت بقعة كبيرة من الدم والأنسجة العائمة على سطح الماء واختفت جثة سمكة القرش الحوتية.

هل اكتسبت حيتان الأوركا مهارات خاصة للصيد؟

تمتلك الحيتان القاتلة نسبة كتلة أدمغة بالنسبة إلى جسمها هي الأعلى بين جميع الحيوانات المفترسة، مما يشير إلى قدرات معرفية عالية لديها.

ويرى الباحثون أن طريقة الصيد الفريدة التي تستخدمها قد تشير إلى أن بعض الحيتان القاتلة في خليج كاليفورنيا اكتسبت مهارات خاصة تساعدها على افتراس أسماك القرش الحوتية. وفي مناطق أخرى أيضا ربما تعلمت الحيتان القاتلة القيام بالشيء نفسه، لكن الأدلة على هذا الأمر محدودة، كما يقول الباحثون.

ومما شجع الباحثين على هذا الافتراض أن تحليل الصور كشف أن ذكر حوت واحدا تمت تسميته “موكتيزوما” كان منخرطًا في ثلاثة من أحداث الافتراس الأربعة التي تم رصدها خلال السنوات الست، وأن الإناث المشاركة في الحدث الرابع قد شوهدت معه سابقًا. لذا اقترح الباحثون وجود مجموعة متخصصة من الحيتان القاتلة اكتسبت معلومات بيئية وسلوكية لاصطياد أسماك قرش الحوت في خليج كاليفورنيا.

شاركها.
Exit mobile version