بيزنس الأربعاء 12:48 ص

“ممنوع الزيارة”.. تصدم هذه اللافتة الراغبين في زيارة ذويهم بالمستشفيات، لاسيما إذا كانوا في غرف العناية المركزة أو مصابين بأمراض تقتضي العزل مثل الفيروسات. ولكنْ ربما يساعد اختراع “المنسوجات الذكية” في نقل اللمسات الإنسانية التي كانوا يريدون نقلها لذويهم خلال الزيارة.

وتجلب اللمسات الإنسانية مثل العناق والتربيت على الكتف، الهدوء والراحة والقرب والشعور بالأمان والحماية، فمع اللمس تتحفز الخلايا العصبية في جلدنا، والتي تعمل بدورها على تحفيز أجزاء عديدة من دماغنا، مما يسبب تغييرات فورية في الكيمياء الحيوية للجسم، فيطلق الهرمونات وجزيئات الإشارة، بما في ذلك هرمون “الأوكسيتوسين”، مما يخلق شعورا بالسعادة والترابط.

ولا تعوّض مكالمات الفيديو غياب القرب والاتصال العاطفي الذي تسببه اللمسات الإنسانية، لذلك عمل فريق بحثي ألماني متعدد التخصصات بقيادة جامعة “سارلاند” على حل هذه المشكلة بما أطلقوا عليه “المنسوجات الذكية” التي تُعرض في معرض هانوفر بألمانيا في الفترة من 22 إلى 26 أبريل/ نيسان الجاري.

ويقول بيان صحفي أصدرته جامعة سارلاند: إن “هذه المنسوجات التي اختُبرت، ستُمكن مرتديها من تجربة الإحساس باللمس الجسدي، فهي طبقة رقيقة للغاية مدمجة بها كجلد ثان ينقل أحاسيس اللمس عن بعد”، وبذلك، تستطيع الأم مثلا وهي تجلس في بيتها أن تقوم بزيارة افتراضية تنقل خلالها لطفلها المريض الذي تمنع اللوائح زيارته في المستشفى، مشاعر القرب منه.

كيف تعمل تلك المنسوجات؟

ويشرح البيان خطوات تصنيع تلك المنسوجات على النحو التالي:

  • تطوير شرائح فائقة الرقة: ابتكر الفريق شرائح فائقة الدقة بسمك 50 ميكرومترا فقط مصنوعة من اللدائن العازلة للكهرباء، ويمكن لهذه الشرائح أن تعمل كأجهزة استشعار ومحركات.
  • التكامل في المنسوجات: تدمج هذه الشرائح في المنسوجات، مما يحولها بشكل أساسي إلى جلد ثانٍ، وعندما يتفاعل شخص ما مع أحد هذه المنسوجات الذكية، مثل قيام أحد الوالدين بمسح قطعة من القماش الذكي، تكتشف تلك الشريحة المدخلات اللمسية وتعيد إنتاج الحركة على سطح نسيج آخر، مما يخلق إحساسا باللمس.
  • الاستشعار وإعادة إنتاج اللمس: تعمل شريحة المطاط الصناعي العازل كجهاز استشعار مرن، فعند لمسها أو الضغط عليها فإنها تتشوه وتغير سعتها الكهربائية، ويُقاس هذا التشوه بدقة، مما يسمح للباحثين بإعادة إنشاء الحركة على سطح آخر.

نموذج عملي

ولتوضيح ما فعله الباحثون، تخيل أن أماً تجلس في بيتها ومعها قطعة من المنسوجات الذكية، بينما يرتدي نجلها في المستشفى ملابس مصنوعة من المنسوجات الذكية أيضا، فيمكن للأم أن تُشعر نجلها بالاقتراب الجسدي من خلال الآتي:

  • التفاعل مع النسيج الذكي في المنزل: تتفاعل الأم مع قطعة قماش مدمجة بتقنية النسيج الذكي في منزلها، و يمكن أن يتضمن هذا التفاعل إجراءات مثل النقر أو الضغط على القماش.
  • الكشف عن المدخلات اللمسية: تعمل شريحة المطاط الصناعي العازل المدمج داخل النسيج كمستشعر، وتكتشف المدخلات اللمسية من تصرفات الأم، وعندما تضغط أو تحرك يدها عبر القماش تتشوه الشريحة، مما يؤدي إلى تغيير سعتها الكهربائية.
  • النقل اللاسلكي للبيانات: تنتقل البيانات التي تمثل المدخلات اللمسية التي اكتشفها النسيج الذكي في المنزل لاسلكيا إلى وحدة معالجة مركزية أو وحدة تحكم، ويمكن أن يحدث هذا الإرسال عبر بروتوكولات الاتصال اللاسلكية المختلفة، مثل بلوتوث أو واي فاي.
  • استنساخ الإحساس اللمسي: في المستشفى يرتدي الابن المريض ملابس مدمجة بتقنية نسيج ذكية مماثلة، وعند تلقي بيانات الإدخال اللمسية من وحدة المعالجة المركزية يتشوه استجابةً للبيانات الواردة، ويعيد إنتاج نفس نمط الضغط أو الحركة المكتشف من تفاعل الأم مع القماش في المنزل، ونتيجة لذلك يشعر الابن المريض بضغط يد أمه أو الإحساس اللمسي المحدد على ملابسه، رغم المسافة الجسدية بينهما.
الطالبة سيبونتينا كروس (يسار) والطالب لوكاس روث (يمين)، المشاركان بالمشروع، يجريان تجربة احساس التلامس الذي تنقله المنسوجات الذكية ( الفريق البحثي) 

رسائل مطمئنة تبدد المخاوف

ويقول بول موتسكي مدير أنظمة المواد الذكية بجامعة سارلاند لـ”الجزيرة نت” عبر البريد الإلكتروني: “هذه التكنولوجيا للنسيج الذكي غير مكلفة وخفيفة الوزن ولا تصدر ضوضاء وموفرة للطاقة”.

ونفى أن يكون لها أي آثار جانبية عند استخدامها مع الأطفال، مثل أن تتسبب بتهيج في الجلد، وقال: “تعتمد تقنية الاستشعار والتشغيل الخاصة بنا، والتي تسمى اللدائن العازلة للكهرباء، على مواد السيليكون المتوافقة حيويا، وتُدمج بعد ذلك هذه الهياكل في منسوجات الملابس المتوفرة تجاريا، ولهذا السبب لا نتوقع حدوث مشكلات فيما يتعلق بتلك المخاوف”.

ولم يختبر موتسكي ورفاقه في النماذج الأولية، مدة صلاحية هذه المنسوجات الذكية، لكنه قال: ” نتوقع أنه يمكن أن تعمل لملايين الدورات، وسوف نختبر ذلك في أبحاث لاحقة”.

وعما إذا كان المستخدمون يستطيعون ضبط شدة أو نوع الأحاسيس اللمسية التي يشعرون بها، أوضح أنهم بصدد إجراء دراسة مع إحدى مستشفيات الأطفال على هذا الموضوع بالضبط.

ويتوقع موتسكي انتشارا سريعا لهذه التكنولوجيا، وأشار إلى أن “حالات الاستخدام للاستشعار والمنسوجات اللمسية تنمو مع نمو العالم الافتراضي، وفي المجال الطبي ستكون الحاجة لها كبيرة، لذلك لا داعي للقلق بشأن تقبل تلك التكنولوجيا”.

شاركها.
Exit mobile version