تتفق شريحة كبيرة من العلماء على أن النيزك الذي خلّف فوهة “تشيكشولوب”، كان السبب الأساسي وراء حدوث الانقراض الجماعي الكبير “انقراض العصر الطباشيري الباليوجيني”، والذي أودى بحياة أكثر من 80% من الكائنات الحية على الأرض آنذاك من ضمنها الديناصورات التي كانت هي المخلوقات المسيطرة على الكوكب.

ووفقا للسجلات التاريخية، فإن النيزك البالغ عرضه 10-15 كيلومترا قد سقط قبل نحو 66 مليون سنة قرب شبه جزيرة يوكاتان في خليج المكسيك. وتحسم دراسة حديثة الجدل القائم حول ماهية وصفات هذا النيزك، مشيرة إلى أنه قد قطع مشوارا طويلا قبل أن يرتطم بالأرض قادما من الفضاء السحيق، مما هو أبعد من حزام الكويكبات الشهير الواقع بين كوكبي المشتري والمريخ.

حادثة فوهة “تشيكشولوب”

في عام 1980 أثار الجيولوجي والتر ألفاريز ووالده لويس ألفاريز، العالم الشهير الحاصل على جائزة نوبل، الرأي العام بطرح نظرية تتناول نيزكا عظيما أصاب الأرض بعد الكشف عن منطقة مقوّسة ضخمة قابعة تحت مياه خليج المكسيك، وكانت الفوهة منحوتة على نحو دقيق وبشكل لا يمكن الاشتباه به، كما لو أن الواقعة قد حدثت في الأمس القريب.

وقد لاحظ العالمان أن ثمة انتشارا لعنصر الإيريديوم في تلك المنطقة، وهو عنصر لا ينتشر بكثافة على سطح الأرض، بل يكون دخيلا في العادة رفقة النيازك والشهب الساقطة على الأرض بين الفينة والأخرى. وبتحليل بعض من العينات من الفوهة، تمكن العلماء من نسبة الحادثة إلى الحقبة الفاصلة بين عصري الطباشري والباليوجيني، أي إلى نحو 66 مليون عام مضت.

وتكشف إحدى الدراسات اللاحقة من كلية لندن الإمبراطورية للعلوم والتكنولوجيا، أن النيزك كان يسير بسرعة هائلة تتجاوز سرعة الصوت بـ60 مرّة، قاطعا الغلاف الجوي في ظرف ثوان معدودة، ليرتطم بالأرض بقوة تتراوح بين 21 و921 مليار قنبلة نووية من تلك التي أُسقطت على مدينة هيروشيما اليابانية، كما جاء في دراسة نُشرت في عام 2014.

من أعماق الفضاء متربصا بالأرض

أعادت الدراسة الحديثة النظر في تأثير النيزك الذي يُعتقد أنه قدم من أقاصي المجموعة الشمسية واصطدم بالأرض، مما تسبب في انقراض الديناصورات. وركز الباحثون على مجموعة من العناصر الكيميائية الموجودة في النيزك، مثل الإيريديوم والروثينيوم والأوزميوم والروديوم والبلاتين والبلاديوم، وهي معادن نادرة على الأرض.

اهتم العلماء بشكل خاص بعنصر الروثينيوم، إذ قارنوه مع نظائره الكيميائية، والنظائر هي ذرات للعنصر نفسه لكنها تختلف في الكتلة بسبب اختلاف عدد النيوترونات. ووجدت الدراسة أن نسب نظائر الروثينيوم في النيزك تتطابق مع تلك الموجودة في الكويكبات الكربونية من النوع “سي”، وبينت النتائج أنها قادمة من النظام الشمسي الخارجي، تحديدا من منطقة ما بعد كوكب المشتري.

وتُعد النيازك الكربونية من النوع “سي” الأكثر شيوعا في المجموعة الشمسية، ويُعتقد أنها تشكلت في الوقت الذي تشكلت فيه المجموعة الشمسية نفسها، ولكن على مسافات بعيدة من الشمس. يليها الكويكبات الحجرية من النوع “إس”، ثم الكويكبات المعدنية النادرة من النوع “إم”.

شاركها.
Exit mobile version