كشفت دراسة جديدة أن “موجة رادكليف” التي تعد أحد أعظم أسرار مجرة درب التبانة لا تشبه الموجة فحسب، وإنما تتحرك كموجة تتأرجح في الفضاء فيما يشبه حركة الموجة.

ووفقا للدراسة التي نشرت في 20 فبراير/شباط بمجلة نيتشر، فإن موجة رادكليف هي عبارة عن سلسلة هائلة من السحب الغازية على شكل موجة في الفناء الخلفي لشمسنا.

ويقول الباحثون إن موجة رادكليف -وهي بنية غازية تكوّن سلسلة من مجموعات النجوم المنتشرة على امتداد مجرة درب التبانة ويبلغ طولها نحو 9000 سنة ضوئية- تتحرك بنمط متذبذب. وكان الباحثون عرفوا سابقا أن الموجة تبدو وكأنها سلسلة منحنية من السحب الغازية في الفناء الخلفي لشمسنا.

قوة الجاذبية

ويعود التعرف على التموج الكوني -المعروف باسم موجة رادكليف- في البيانات الفلكية قبل أربع سنوات، إذ سميت على اسم معهد هارفرد رادكليف في عام 2020 عندما اكتُشفت تموجاتها من قبل باحث تابع للمعهد في ذلك الوقت.

ويقول المعد الرئيسي للدراسة “رالف كونيتزكا”، وهو باحث بجامعة هارفرد ومركز هارفرد سميثسونيان للفيزياء الفلكية: “على غرار الطريقة التي يُسحب بها المشجعون في الملعب إلى مقاعدهم بسبب جاذبية الأرض، تتأرجح موجة رادكليف بسبب جاذبية درب التبانة”.

وأشار الباحث إلى أنهم حددوا النمط المتموج من خلال ربط المواقع ثلاثية الأبعاد للمجموعات في بيانات من تلسكوب جايا الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، بالإضافة إلى ملاحظات سحب الغبار والغاز في نفس المنطقة.

وأوضح “كونيتزكا” في تصريحات لـ”الجزيرة نت” أن موجة رادكليف تعد أكبر بنية متماسكة نعرفها حتى الآن، وهي قريبة جدا منا، ورغم ذلك كنا لا نعرف شيئا عن ذلك، لأننا لم نتمكن من بناء هذه النماذج عالية الدقة لتوزيع السحب الغازية قرب الشمس بشكل ثلاثي الأبعاد.

فتح علمي جديد

وقارن المؤلفون حركة النجوم الصغيرة التي تشكل موجة رادكليف بحركة المشجعين في الملعب وهم يقومون بالتلويح في مباراة بيسبول. فبينما كان المشجعون يقفزون إلى الأعلى ثم يهبطون في أثناء نوبات التشجيع، فإن النجوم الصغيرة أيضا في موجة رادكليف كانت تتحرك بالمثل، لكن في حركة أبطأ كثيرا يمكن اكتشاف نمطها التدريجي على بعد مئات السنين الضوئية.

ويفترض الباحثون أن هذا الاكتشاف يمكن أن يكون له تأثيرات بعيدة المدى لفهم الظواهر الفلكية خارج نطاق موجة رادكليف، إذ يمكن للعلماء أيضا استخدام الموجة لقياس كمية المادة المظلمة حول النظام الشمسي.

وأشار “كونيتزكا” إلى أن الصور الوهمية التي تصور درب التبانة هي صور نظرية ولا يمكن أن تمثل بنيتها الفعلية، لكنّ لقطات من هذه الصورة الأكبر -كما هو موضح في موجة رادكليف- تقدم نظرة ثاقبة لبقية الصورة والأساليب التقنية اللازمة لاستكشافها، وكأننا نرى لقطة فيديو لما يحدث وليس مجرد صورة.

ويقول معدو الدراسة إنه يمكننا الآن أن نختبر كل النظريات المختلفة عن سبب تشكل الموجة، بما في ذلك نظريات انفجارات النجوم الضخمة، والتي تسمى المستعرات الأعظم، والاضطرابات خارج المجرة، مثل اصطدام مجرة قزمة مع مجرتنا درب التبانة، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع يوريك آلارت.

شاركها.
Exit mobile version