تمكن فريق بحثي بقيادة علماء من جامعة ليدز البريطانية من إماطة اللثام عن آلية عمل مجموعة من النجوم يسميها العلماء “النجوم مصاصة الدماء”، في إشارة إلى تغذيها على نجوم مجاورة لها على مدى الزمن.
ويتصرف النجم مصاص الدماء بنفس الطريقة التي يتصرف بها مصاص الدماء في الروايات، ومن هنا نبعت التسمية، ولكن بدلا من امتصاص الدم من الضحية يمتص هذا النجم الهيدروجين والبلازما من نجم آخر يدور حوله.
وعادة ما يبدأ هذا النوع من النجوم صغيرا في الحجم، لكن ما إن يدخل في مدار مع نجم آخر (يمثل الضحية) حتى يسحب مادته ويبدأ بالتضخم، أما بالنسبة للنجم الآخر فإنه قد يتحول إلى نجم قزم أبيض، أو ينفجر في شكل مستعر أعظم، مما يؤدي إلى تدمير كلا النجمين في هذه العملية.
بيانات غايا
وبحسب الدراسة، التي نشرها هذا الفريق في دورية “مانثلي نوتيسز” التابعة للأكاديمية الملكية لعلم الفلك في بريطانيا، فقد استخدم العلماء بيانات قادمة من مرصد “غايا” الفضائي للتعلم عن طبيعة هذه النجوم العجيبة.
انطلق “غايا” في 2013، وهو أحد مشروعات وكالة الفضاء الأوروبية التي تعمل على إنشاء أدق خريطة ثلاثية الأبعاد لأكثر من مليار نجم في جميع أنحاء مجرتنا درب التبانة وخارجها، مع رصد حركاتها ولمعانها ودرجة حرارتها وتركيبها الكيميائي.
وبشكل خاص اهتم الباحثون بدراسة مجموعة من النجوم مصاصة الدماء التي تتبع فئة النجوم “ب” الطيفية، وهي نجوم زرقاء عملاقة تزيد في كتلتها عن الشمس بمعدل يبدأ من نحو ثلاثة أضعاف إلى 17 ضعفا، بعض نجوم الفئة ب يكون بيضاويا ويمتلك حلقات من الغاز تدور حوله وتشبه حلقات زحل.
نجوم ثلاثية
وكشفت الدراسة، بعد فحص لعدد من تلك النجوم على فترات زمنية متباينة (بين 6 أشهر و10سنوات) أن هذه النجوم لا توجد في أنظمة ثنائية فقط، بل ثلاثية، أي ثلاثة نجوم تتخذ مدارات حول بعضها البعض في نظام واحد.
شاهد فيديو يوضح أحد طرق دوران النجوم الثلاثية حول بعضها:
ويبدو للباحثين أن وجود نجم ثالث غير مرئي هو السبب بالأساس في تحويل بعض النجوم إلى “مصاصة دماء”، لأنه يتسبب جذبويا في تقريب النجمين الآخرين من بعضهما البعض على مسافة تسمح لأحدهما أن يبدأ في سحب المادة من الآخر.
ويفتح هذا الكشف الباب لتحويل انتباه العلماء إلى النجوم الثلاثية (التي تدور فيها ثلاثة نجوم حول بعضها البعض) وبناء علم فلك جديد أكثر تمعنا يتعلق بها، فقد كانت عادة مهملة في سياق دراسة تطور النجوم، وبشكل أكبر اهتم العلماء بالنجوم الثنائية وبنوا الكثير من النظريات حولها.
وبحسب بيان صحفي صادر من جامعة ليدز، فإنه يمكن أن يؤثر هذا الاكتشاف على مجالات أخرى في علم الفلك مثل الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية، والتي قد تندمج معا تحت تأثير جرم ثالث غير مرصود.