في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي سجلت شبه جزيرة ريكيانيس، التي تقع جنوب غرب آيسلندا نشاطا زلزاليا أكبر من المعتاد، حيث رُصد أكثر من 1000 زلزال أكبرها بقوة 4.5 درجات على مقياس ريختر خلال ساعات قليلة. وعلى مدى الأسبوعين التاليين سُجلت مئات الزلازل الصغيرة التي تسببت ببعض الانهيارات الأرضية.
وهذا النوع من الأنشطة الزلزالية هو مؤشر خطير، فعادة ما يشير ذلك إلى أن الصهارة البركانية تتراكم تحت سطح الأرض، وقد تنفجر في أي وقت، وبخاصة عندما أشارت نشرة صادرة عن المنظمة البحرية الدولية في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري إلى أن الأرض في تلك المنطقة ترتفع بسرعة مع تراكم الصهارة تحتها.
لذلك أعلنت السلطات المختصة إخلاء مدينة غريندافيك الصغيرة القريبة، والتي يبلغ عدد سكانها نحو 2800، وأغلقت مجموعة من المنتجعات السياحية القريبة، خاصة بعد تسجيل أحد الزلازل قوة مقدارها 4.8 درجات خلال الأسبوع الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
ويقدم الفيديو التالي شرحا من أحد علماء الجيولوجيا عن وضع البركان الآن.
لماذا تقع البراكين في آيسلندا؟
تتكون الأرض من عدة طبقات، أعلاها القشرة الأرضية، يليها طبقة تسمى الوشاح، وتحتوي تلك الطبقة في بعض الأحيان على صخور ذائبة بسبب ارتفاع درجات الحرارة والضغط، وتلك هي الصهارة التي تكون عادة أقل كثافة من الصخور المحيطة بها، ولذلك ترتفع نحو سطح الأرض وتتجمع في غرف تشبه الخزانات تحت القشرة الأرضية.
وتستمر الصهارة الموجودة في تلك الغرف في التراكم وترتفع درجات حرارتها مع الوقت، مما يؤدي إلى تراكم الضغط على القشرة الأرضية من الأسفل. وبمرور الوقت، يصبح الضغط قويا بما يكفي للتغلب على مقاومة الصخور الموجودة فوقها، وبشكل خاص إذا كانت مناطق ضعيفة سهلة الاختراق، وهكذا يبدأ البركان.
آيسلندا هي أحد تلك الحالات، فهي جزيرة بركانية تقع على حدود صفيحتين تكتونيتين هما الصفيحة الأوراسية وصفيحة أميركا الشمالية. ولفهم فكرة الصفائح التكتونية تخيل أن القشرة الأرضية (التي تغلف الكوكب) تشبه أحجية ورقية بها قطع متداخلة مع بعضها البعض، وكذلك الصفائح التكتونية تتكون من قطع متداخلة، تتحرك بالنسبة لبعضها البعض بقدر يسير كل عام.
ومع تباعد هذه الصفائح وتقاربها، فإن الصهارة تجد نقاطا ضعيفة لترتفع للأعلى وتتسرب من الوشاح إلى السطح، لذلك يوجد في آيسلندا نحو 30 نظاما بركانيا نشطا، يقع بعضها تحت الأنهار الجليدية.
هل ينفجر حقًا؟
أحد هذه الأنظمة البركانية موجود في شبه جزيرة ريكيانيس، وهي المنطقة التي شهدت سلسلة من الزلازل وتشوهات القشرة الأرضية منذ ديسمبر/كانون الأول منذ عام 2019، ويشير ذلك النشاط إلى أن الصهارة تضغط على القشرة الأرضية من الأسفل على طول شق يبلغ طوله 20 كيلومترا ويمتد من منطقة “فاغرادالسفيال” البركانية على الساحل الجنوبي الغربي قرب مدينة غريندافيك التي تم إخلاؤها.
لكن كل ذلك لا يعني أن المنطقة ستشهد حتما انفجارا بركانيا شديدا في القريب، ويعتقد العلماء إلى الآن أن مخاطر الانفجار البركاني “منخفضة”، لكنه لو وقع ربما يكون انفجارا شديدا لأن هذا النوع من البراكين يختزن كمّا كبيرا من الغاز تحت القشرة الأرضية، ومع أول “تنفيس” له ينفجر بقوة قنابل نووية تبلغ عنان الغلاف الجوي.
ويعتقد فريق من العلماء أن هذه المنطقة من آيسلندا تدخل مرحلة جديدة من النشاط البركاني الذي قد يستمر عقودا أو قرونا، بشكل لم يحدث إلا بين عامي 800 و1240 ميلادية حينما تدفقت الحمم البركانية على مساحات واسعة وصولا إلى مكان العاصمة ريكيافيك الآن، بسبب النشاط البركاني في تلك المنطقة.
المصدر : ذا كونفرسيشن + لايف ساينس + مواقع إلكترونية