كانت سيلين حيدر، قريبة من الانضمام لمنتخب لبنان وتمثيل بلادها في المحافل الدولية، لكن ابنة الـ19 عاما لم تتوقع اقتران اسمها بخبر رقودها في العناية المركزة، بعد تعرضها لإصابة بالغة في رأسها إثر غارة إسرائيلية السبت قرب بيروت.

قبل أسابيع عدة، نزحت سيلين مع عائلتها من منطقة الشياح في ضاحية بيروت الجنوبية إلى بلدة بعقلين في جبل لبنان على وقع اشتداد الغارات الإسرائيلية على المنطقة.

لكنها “اضطرت للنزول إلى بيروت لمتابعة تمارينها ودراستها”، كما يروي والدها عباس حيدر -أمس الثلاثاء- مضيفا أنها “كانت عند بدء القصف والتهديدات تخرج من البيت، ثم تعود مساء للنوم” فيه.

ويقول والدها “اتصلت بها صباحا وقلت لها إن أفيخاي (أدرعي المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي باللغة العربية) أصدر إنذارا بالإخلاء، فهَرَبت من المنزل. اتصلت بي زوجتي لاحقا وقالت لي إن سيلين في المستشفى “بعدما أصيبت برأسها جراء غارة استهدفت مبنى مجاورا”.

وانتشر فيديو مؤثر على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر سيلين وهي ممددة أرضا مضرجة بدمائها وبجانبها يصرخ شاب مفجوع.

وتعرّضت الضاحية الجنوبية لبيروت وأطرافها يوم السبت لسلسلة غارات إسرائيلية طالت 10 مواقع على الأقل، ضمنها أبنية في الشياح، حيث منزل عائلة سيلين.

وتقول سناء شحرور، والدة سيلين وهي تبكي لوكالة فرانس برس من أمام مستشفى القديس جاورجيوس حيث تتلقى ابنتها العلاج “حصلت غارة قريبة وأصيبت في رأسها، لديها نزيف في رأسها وكسر في الجمجمة”.

حلمها أن تصبح بطلة

وبتأثر شديد، تروي الوالدة كيف أرسلت ابنتها لها ليلًا رسالة عبر الهاتف تطلب منها أن تُعد طبقا تحبه. وتقول إنها بعد وقت قصير تلقت اتصالا من أحد أصدقائها أبلغها بإصابة سيلين ونقلها الى المستشفى.

وكانت سيلين إحدى أبرز اللاعبات خلال مشوار فريقها “بي إف إيه” (BFA) نحو إحراز لقب الدوري اللبناني للسيدات الموسم الماضي، وساهمت بإحراز منتخب لبنان بطولة غرب آسيا تحت 18 عاما في 2022.

وكانت الفتاة الطموحة تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها بمواجهة منتخب إيران الشهر الماضي، قبل أن تعرقل الحرب خططها.

ولا تتمكن الوالدة المفجوعة من حبس دموعها. وتقول وهي تجهش بالبكاء “أدعو الله أن تعودي لنا بالسلامة.. وأن تمسكي يدي ولو لمرة واحدة وتردي علي”.

تسهب الوالدة في الحديث عن أحلام ابنتها، التي يتجمع أصدقاؤها في المستشفى يوميا آملين أن تعود إلى صفوفهم.

وتكرر بانفعال “دفعت ابنتي ضريبة حرب لا علاقة لها بها.. إنها لاعبة كرة قدم وكان لديها أحلام كثيرة، وقد قتلوا أحلامها”. وتنتظر العائلة معجزة تعيد ابنتها النابضة بالحياة إليها.

وتقول والدة سيلين بتأثر شديد “كانت تحب الحياة كثيرا.. وحلمها أن تصبح بطلة وتتحدث الدنيا كلها عنها، لكن اليوم الدنيا كلها تتحدث عنها”.

ويشرح والدها باكيا “الأطباء يتابعونها باهتمام لافت. لكن الضرر كبير، نأمل بأن يخف تدريجا.. ندفع فاتورة لا ذنب لنا فيها”.

بدوره، يقول رئيس نادي “بي إف إيه” زياد سعادة “أدخلت سيلين في غيبوبة اصطناعية ونطلب من الجميع الصلاة لها كي تعود بيننا”.

“مقاتلة في الملعب”

وإلى المستشفى، اصطحب سامر بربري، مدرب سيلين، زميلاتها في الفريق لتقديم الدعم لها. ويتحدث لفرانس برس بحرقة عن مزاياها كلاعبة وسط دفاعية. ويقول “هي مقاتلة في الملعب. حلقة الوصل بين الدفاع والهجوم. هي فتاة رائعة ولاعبة رائعة”.

ويوضح “كانت ستتواجد مع المنتخب الأول في مشاركاته المقبلة وتحمل شارة القائدة في فريقنا الموسم المقبل”.

على وقع جولة التصعيد الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله، أرجأ الاتحاد اللبناني لكرة القدم في 24 سبتمبر/أيلول، كل نشاطاته بما فيها بطولة الدوري العام للدرجة الأولى.

ومنذ بدء المواجهة بين حزب الله وإسرائيل في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 قُتل أكثر من 3544 شخصا على الأقل في لبنان وجرح أكثر من 15 ألفا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلا عن نحو 1.4 مليون نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر/أيلول الماضي.

وبين القتلى العديد من الرياضيين وأفراد من عائلاتهم.

شاركها.
Exit mobile version