لطالما كانت رغبة الأندية في زيادة المداخيل المالية من البث التلفزيوني والأعمال التجارية المختلفة هي المحرك الأساسي لإجراء التعديلات على مسابقات كرة القدم، ومنها دوري أبطال أوروبا، ومع كل تغيير يطرأ، تُطرح الأسئلة عن الهدف المادي من ورائه.

ولذلك، فمع وجود التهديدات المتمثلة في دوري السوبر الأوروبي، وتأفف قادة الفرق الكبرى من قلة المداخيل المادية عامة، لم يجد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) مفرًا من وضع نظام جديد للمسابقة يبدأ من الموسم القادم 2024-2025، متضمنًا عدد فرق أكبر، وبالتالي عدد مباريات أكبر وأرباحا مالية أكبر.

وتشير التوقعات إلى أن الشكل الجديد للبطولة سيشهد توزيع جوائز مالية إضافية بقيمة 600 مليون يورو، أي أن قيمة الجوائز سترتفع من 2.03 مليار يورو في الموسم الحالي إلى 2.47 مليار في الموسم القادم، وبالتالي سيرتفع إجمالي الإيرادات في المسابقات الأوروبية الأربع من 3.5 مليارات يورو في الموسم الحالي إلى 4.4 مليارات يورو في الموسم المقبل.

نظام دوري أبطال أوروبا الجديد

سيزيد عدد الفرق المتنافسة من 32 إلى 36 فريقا، مما يعني أن هناك زيادة في المباريات من 125 مباراة إلى 189، وتقسم بطاقات الصعود على النحو التالي:

  •  32 فريقا يتأهل وفق المعطيات الحالية بشكل اعتيادي.
  • 4 مقاعد إضافية تحدد بناء على المعايير الآتية:
  • مقعد واحد للنادي الذي يحتل المركز الثالث في الدولة المصنفة خامسة قارياً.
  • مقعد واحد للنادي المتوج بدوري بلاده من خلال رفع عدد الأندية المتأهلة عبر “مسار الأبطال” من 4 إلى 5.
  • مقعدان أخيران للاتحادات التي تحقق أنديتها أفضل نتائج جماعية في الموسم السابق (مجموع عدد النقاط الحاصلة عليها مقسومة على عدد الأندية المشاركة).
  • تُلغى مرحلة “المجموعات” لصالح مرحلة “الدوري الواحد”، حيث يخوض كل فريق 8 مباريات في مرحلة الدوري بنظام القرعة ضد منافسين مختلفين، يلعب نصفها على أرضه ونصفها الآخر خارج أرضه، ثم تتأهل الفرق الثمانية الأولى إلى دور الـ16 بعد تجميع النقاط، 3 نقاط لكل فوز، ونقطة واحدة للتعادل، مع إلغاء الذهاب إلى الدوري الأوروبي.
  • أولئك الذين يحتلون المراكز من التاسع إلى 24 سيذهبون إلى لعب جولة فاصلة ذهابًا وإيابًا لتحديد المنضمين إلى الثمانية الأوائل في دور الـ16، وبعد ذلك تسير البطولة بشكل طبيعي بمباريات خروج المغلوب، وصولًا إلى النهائي.

تقسيم التَركة

يجلب الشكل الجديد تغييرات جذرية في الكيفية التي ستقسم بها الأموال، مع إعطاء وزن أكبر للأداء على أرض الملعب، وبناءً على قيمة حقوق البث في البلد الذي يقع فيه النادي، وتصنيف الاتحاد الأوروبي له.

في هذا الصدد؛ قال خبير التمويل الرياضي والمحاضر في جامعة شيفيلد الدكتور دان بلوملي، في تصريحات خاصة لموقع “ذا أثليتيك”، إن “الطريقة التي توزع بها الأموال ستعزز من ميزة التنافسية لدى الأندية الكبرى”.

وسيحصل كل فريق من الفرق الـ36 المتأهلة لمرحلة “الدوري” على مبلغ قدره 18.62 مليون يورو، وهو أعلى قليلا من أرباح مرحلة المجموعات الحالية التي يحصل فيها كل فريق على 15.5 مليون يورو فقط، وفي حالة الفوز سيحصل كل فريق على جائزة قدرها 2.1 مليون يورو عن المباراة الواحدة، ومبلغ 700 ألف يورو في حال التعادل.

علاوة على ذلك، ستمنح الفرق التي ستتمكن من العبور إلى دور الـ16 مباشرةً على مكافأة قدرها مليونا يورو، بينما تلك التي احتلت المراكز من التاسع إلى الـ16 ستحصل على جائزة قدرها مليون يورو، إضافة إلى 12.5 مليون يورو نظير التأهل للدور ربع النهائي، و15 مليونا في حال الوصول إلى نصف النهائي، أما البطل فسيحصل على مبلغ 6.5 ملايين يورو، بزيادة 10 ملايين يورو عن الجوائز الحالية للفريق البطل.

وبحسب بلوملي فإن “النظام الجديد سيمنح كل نادٍ إنجليزي 81 مليون يورو كحد أدنى نظير لعبه 8 مباريات فقط قبل دور الـ16، أما إذا تخطى تلك المرحلة، فمن الممكن للأرباح أن تتجاوز 161 مليون يورو”.

توقيت مثالي

وتأتي تلك الخطوات في ظل أزمات مالية تعصف بالأندية منذ أزمة كوفيد-19، ثم الحرب الروسية الأوكرانية.

وبحسب دراسة أجرتها مؤسسة “فوتبول بانشمارك” على 20 ناديا أوروبيا، من بينها برشلونة وليفربول وتوتنهام وأياكس وريال مدريد، أظهرت النتائج انخفاض صافي الأرباح خلال عامي 2021 و2022 بإجمالي قدره 3057 مليون يورو.

وكان برشلونة هو النادي الأكثر معاناة بعد أن تكبد خسائر قدرها 481 مليون يورو في المواسم التالية لكوفيد، وفي الوقت نفسه سجل نادي إنترناسيونالي خسارة صافية قياسية قدرها 245.6 مليون يورو في موسم 2020-2021، فضلًا عن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانيها ريال مدريد ومانشستر يونايتد لأسباب تتعلق بسوء التخطيط وتبعات الجائحة والحرب.

وبالتالي فإن هذا النظام الجديد سيكون بمثابة طوق نجاة للأندية من جانب، ولحفظ ماء وجه الاتحاد الأوروبي من جانب آخر، خاصة بعد أن حاربت الأندية الكبرى من أجل إقرار مشروع مسابقة “السوبر ليغ”، وعزمت على إنشائه من أجل إصلاح اقتصادها قبل أن يتوقف بسبب ضغوط اليويفا على الأندية، ثم تأتي في النهاية تلك التغييرات كحل وسط يسمح للأندية بزيادة المداخيل، ويرفع عن الاتحاد الأوروبي حرج الصدام مع الأندية.

شاركها.
Exit mobile version