تحظى مباراة ريال مدريد وبرشلونة بالكثير من الأهمية والأضواء، ليس محليا فقط بل عالميا أيضا، كونها تضمن الفرجة والمتعة الكروية بفضل مهارات وأداء النجوم الذين يضمهم الفريقان الغريمان.

وبلقائهما يوم السبت المقبل في الجولة الـ11 من الدوري الإسباني سيكون عالم كرة القدم قد شهد الكلاسيكو 258 في تاريخ الناديين في كل المسابقات، في حين ستكون تلك المباراة تحمل الرقم 189 لحساب “الليغا”.

وتستمد كلمة “الكلاسيكو” جذورها من اللغة الإسبانية وتعني “التقليدي”، وتحمل المنافسة فيها أبعادا رياضية واجتماعية وسياسية جعلتها حدثا بمثابة التقليد.

ويتطرق التقرير التالي إلى الجذور التاريخية لمباراة “الكلاسيكو” وأبرز المراحل الفارقة التي تخللتها تلك المواجهة، فضلا عن أبرز المواجهات التي حملت اسم الكلاسيكو في تاريخ الكرة العالمية.

قمة كروية بعباءة سياسية

يعتبر التنافس والعداوة بين مدينتي مدريد وبرشلونة قديما، لكن حدتهما زادت بعد تأسيس نادي برشلونة في 1899، وبعده بـ3 أعوام نادي مدريد على يد الأخوين خوان وكارلوس باردو (قبل أن يصبح ريال مدريد لاحقا).

واكتست مباراة الريال والبارسا أبعادا سياسية، إذ يرى فيها كثيرون اختزالا للتنافس بين إسبانيا ومقاطعة كتالونيا الساعية للانفصال.

وزادت الحرب الأهلية الإسبانية في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي حدة العداوة والتنافس لتتحول المباراة بمرور الأعوام إلى علامة مميزة، ليس محليا ولكن عالميا أيضا مع اتساع القاعدة الجماهيرية للفريقين.

وبدأت العداوة تحت غطاء سياسي واجتماعي، إذ يعرف عن ريال مدريد أنه فريق السلطة، في حين يمثل نادي برشلونة شعب إقليم كتالونيا الساعي لنيل استقلاله بعيدا عن سطوة الدولة.

وأقيم أول لقاء بين الفريقين بتاريخ 13 مايو/أيار 1902 ضمن منافسات كأس كوروناسيون بالعاصمة مدريد وانتهى بفوز برشلونة (3-1)، في حين جمعت أول مباراة بين الفريقين في الدوري يوم 17 فبراير/شباط 1929 وانتهت بفوز ريال مدريد (2-1).

من الأرجنتين إلى إسبانيا

لم تظهر عبارة “الكلاسيكو” في كرة القدم للمرة الأولى في مباريات برشلونة وريال مدريد، وإنما كانت تطلق على المواجهة الكبرى في أميركا الجنوبية والتي تجمع بين بوكا جونيورز وريفر بلايت الأرجنتينيين، والتي يطلق عليها حتى الآن “سوبر كلاسيكو”.

واستلهم الإسبان ذلك المصطلح لتصبح مباراة قطبي الليغا تحت مسمى كوني، وهو “كلاسيكو الأرض”.

وكان الصحفي ألفريدو ريلينو من صحيفة “آس” الإسبانية هو من أطلق اسم “الكلاسيكو” على قمة الدوري الإسباني أواخر القرن الماضي.

التسمية التي بات لها وقع مؤثر وجذاب شكلا ومضمونا اجتاحت كل وسائل الإعلام العالمية التي صارت تعتمدها للحديث عن مواجهات الملكي والبلوغرانا، وانتزعت تلك العبارة رمزيتها من الأصل الذي انطلقت به في الأرجنتين بين “البوكا” و”الريفر”.

ويعتقد الكثير من المولعين بكرة القدم أن تسمية المباراة “كلاسيكو الأرض” تعود إلى العدد المهول من متابعيها، فقد أشارت إحصائيات رسمية لرابطة الدوري الإسباني إلى أن نحو نصف مليون شخص حول العالم يتابعون مباراة الكلاسيكو سنويا.

في المقابل، يرى الملاحظون أن سر مصطلح “كلاسيكو الأرض” يعود إلى وجود لاعبين في الفريقين من جنسيات عدة، ففي مباراة الإياب لموسم 2018-2019 كان لاعبو الفريقين يمثلون 16 دولة من قارات أوروبا وأفريقيا وأميركا الوسطى وأميركا الجنوبية.

ورياضيا، كان لإجمالي عدد ألقاب الفريقين دور في أن تصبح المباراة جديرة باسم “الكلاسيكو”، إذ يملك برشلونة وريال مدريد نحو 200 لقب، من بينها 63 في الدوري الإسباني و20 في دوري أبطال أوروبا.

نجوم الكلاسيكو

التنافس بين الريال والبارسا استعر بعدما طفا على سطح الأحداث الكروية اسم الأسطورة الأرجنتينية ألفريد دي ستيفانو في العام 1947، ليكون محل تجاذب بين الفريقين للظفر به.

ونجح الريال في ضم اللاعب من نادي مليوناريوس الكولومبي، ليصبح فيما بعد أحد أعظم اللاعبين في تاريخ النادي.

وكانت تلك الحادثة بمثابة هزيمة نكراء لبرشلونة وانتصار تاريخي لمدريد باعتبار أن دي ستيفانو منح الكلاسيكو جرعات من الإثارة والإبداع.

لقد كان دي ستيفانو (1926-2014) عنوانا لمعركة تاريخية بين برشلونة وريال مدريد، مما زاد استعار العداوة الرياضية بين الناديين، خصوصا بعد أن أحرز النجم الأرجنتيني 18 هدفا للريال في شباك غريمه التقليدي.

ومنح الكثير من نجوم كرة القدم الكلاسيكو مكانة كبرى، إذ حمل الأسطورتان يوهان كرويف ودييغو مارادونا قميص برشلونة، وبعدهما روماريو وفرانك ريكارد ورونالد كومان، وصولا إلى تشافي وإنييستا ولويس سواريز والنجم ليونيل ميسي صاحب الرقم القياسي كأفضل هداف في تاريخ الكلاسيكو برصيد 26 هدفا.

أما في ريال مدريد فسطع نجم الكثير من اللاعبين في المباراة الأشهر مثل خينتو وبوشكاش وخوانيتو، مرورا بزين الدين زيدان وديفيد بيكهام وروبرتو كارلوس وراؤول، وصولا إلى كريم بنزيمة وكريستيانو رونالدو وإيكر كاسياس، وغيرهم كثيرون.

مواجهات كلاسيكو شهيرة

ورغم أن الكلاسيكو الإسباني هو المواجهة العظمى في العالم فإن كرة القدم تضع سنويا أطباقا كروية مثيرة ومليئة بالتنافس، مما يجعلها قريبة من “كلاسيكو الأرض”.

ويُعرف لقاء بوكا جونيورز وريفر بلايت باسم “السوبر كلاسيكو”، وهو الذي يضع أشهر فريقين في الأرجنتين وجها لوجه.

وفي أوروبا، يبرز “كلاسيكو” الدوري الإنجليزي بين مانشستر يونايتد وليفربول، والذي تطلق عليه أيضا تسمية “ديربي شمال- شرق” إنجلترا.

كلاسيكو الكرة الألمانية بين بايرن ميونخ وبروسيا دورتموند يعد هو الآخر من بين أعظم المواجهات في الكرة الأوروبية، في حين يأتي لقاء “إيه سي ميلان” ويوفنتوس في إيطاليا ضمن أشد المواجهات ندية.

وفي الدوري البرتغالي، يأتي لقاء بورتو وبنفيكا كواحد من المواجهات المرتقبة بشدة، تماما مثل كلاسيكو الدوري الفرنسي بين باريس سان جيرمان وأولمبيك مرسيليا، في حين تحظى مواجهة غلطة سراي وفنربخشة في الدوري التركي بأهمية بالغة كواحدة من أكثر المباريات إثارة.

وتحظى مواجهة أياكس أمستردام وفينورد روتردام في هولندا بالأهمية ذاتها من حيث الندية والتشويق والعداوة الرياضية.

أما عربيا فتعد مواجهة الهلال والاتحاد في الدوري السعودي ومباراة الترجي والنجم الساحلي في الدوري التونسي من أكبر مباريات الكلاسيكو في الكرة العربية.

شاركها.
Exit mobile version