قال رائد تقنية الذكاء الاصطناعي جيفري هينتون، في مقابلة مع وكالة رويترز أمس الجمعة، إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يشكل “تهديدا للبشرية أكثر إلحاحا” مما يشكله التغير المناخي.

وأعلن هينتون، المعروف على نطاق واسع بأنه أحد “عرابي الذكاء الاصطناعي”، مؤخرًا أنه ترك شركة “ألفابت” (Alphabet) بعد عقد من العمل فيها، قائلاً إنه يريد التحدث علنًا عن مخاطر التكنولوجيا دون أن تؤثر تصريحاته على الشركة التي تركها.

وفي عام 1986، شارك هينتون في تأليف الورقة البحثية الأساسية “تمثيلات التعلم عن طريق أخطاء الانتشار العكسي”، وهي علامة بارزة في تطوير الشبكات العصبية التي تدعم تقنية الذكاء الاصطناعي. وفي عام 2018، حصل على جائزة “تورينغ” (Turing) تقديراً لإنجازاته البحثية.

لكنه الآن من بين عدد متزايد من قادة التكنولوجيا الذين يعبرون علنا عن قلقهم من التهديد المحتمل الذي يشكله وصول هذا الذكاء الاصطناعي لنسبة من الذكاء أكبر من البشر، وتهديد السيطرة على الكوكب.

وقال هينتون “لا أريد التقليل من قيمة التغير المناخي، ولا أقول إنه لا داعي للقلق بشأنه، هذا خطر كبير أيضا.. لكنني أعتقد أن الذكاء الاصطناعي قد يصبح أكثر إلحاحا”.

وأضاف أنه “مع تغير المناخ، من السهل جدًا التوصية بما يجب علينا فعله، فإذا توقفنا عن حرق الكربون فستكون الأمور في النهاية على ما يرام. لكن مع الذكاء الاصطناعي ليس من الواضح على الإطلاق ما يجب علينا فعله”.

وأطلقت شركة “أوبن إيه آي” (OpenAI) المدعومة من “مايكروسوفت” (Microsoft) “صافرة البداية” لما اعتبره كثيرون “سباق تسلح تكنولوجي” في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما أتاحت للجمهور برنامج الدردشة “شات جي بي تي” (ChatGPT) المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وسرعان ما أصبح التطبيق الأسرع نموًا في التاريخ، حيث وصل إلى 100 مليون مستخدم شهريًا في شهرين.

وانضم إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة “تويتر” (Twitter)، إلى الآلاف في توقيع خطاب مفتوح يدعو إلى التوقف لمدة 6 أشهر عن تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي.

ومن بين الموقّعين على الخطاب: الرئيس التنفيذي لشركة “ستابيليتي” (Stability)، والباحثون في شركة “ديب مايند” (DeepMind) المملوكة لشركة “ألفابت”، وزملاؤهم الرائدون في مجال الذكاء الاصطناعي من أمثال يوشوا بنجيو وستيورات راسل.

ويشاطر هينتون قلق هؤلاء الموقعين من أن الذكاء الاصطناعي قد يمثل تهديدًا وجوديًا للبشرية، لكنه لا يوافق على إيقاف البحث مؤقتًا، واعتبر ذلك “غير واقعي على الإطلاق”.

وقال “أنا من معسكر يعتقد أن هذا خطر وجودي، وهو قريب بما يكفي لدرجة أننا يجب أن نعمل بجد الآن، ولكن يجب أن نخصص الكثير من الموارد لمعرفة ما يمكننا القيام به حيال ذلك”.

وردت لجنة من المشرعين في الاتحاد الأوروبي على الرسالة التي يدعمها ماسك، ودعت الرئيس الأميركي جو بايدن إلى عقد قمة عالمية بشأن الاتجاه المستقبلي للتكنولوجيا مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.

ووافقت اللجنة الأسبوع الماضي على مجموعة من المقترحات التي تستهدف الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتي من شأنها إجبار شركات -مثل “أوبن إيه آي”- على الكشف عن أي مواد حقوق نشر مستخدمة لتدريب نماذجها.

في غضون ذلك، أجرى بايدن محادثات مع عدد من قادة شركات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك ساندار بيشاي الرئيس التنفيذي لشركة “ألفابت” وسام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي” في البيت الأبيض، ووعد بإجراء “مناقشة صريحة وبناءة” حول وجوب أن تكون الشركات أكثر شفافية بشأن أنظمتها.

وقال هينتون: “يتمتع قادة التكنولوجيا بأفضل فهم لها، ويجب على السياسيين المشاركة في صياغة التشريعات”، وأضاف أن الذكاء الاصطناعي “يؤثر علينا جميعًا، لذلك علينا جميعًا التفكير في الأمر”.

شاركها.
Exit mobile version