جذبت محاولة “تويتر” (twitter) تطبيق نظام الدفع مقابل خدمة الحساب الموثق (العلامة الزرقاء) المحتالين وناشري المعلومات المضللة، وقال الخبراء إن ذلك قد يدفع العلامات التجارية الكبرى إلى التراجع عن منصة التواصل الاجتماعي التي يملكها الملياردير إيلون ماسك.
وقد قررت تويتر في 20 أبريل/نيسان الماضي إزالة علامات التوثيق الزرقاء من الحسابات، وفرض رسوم بمبلغ 8 دولارات شهريا للمستخدمين الذين يرغبون في شراء اشتراك “تويتر بلو” (Blue) للاحتفاظ بحسابهم الموثق.
وقوبلت مبادرة ماسك الأخيرة بظهور موجة من الحسابات الوهمية التي تشارك معلومات مضللة ضارة. مما أدى إلى توقف بعض المنظمات بالفعل عن استخدام تويتر، بما في ذلك هيئة النقل في مدينة نيويورك المعروفة اختصارا باسم “إم تي إيه” (MTA)، والتي كان لحسابها 1.3 مليون متابع.
وقالت كل من “إيه تي آند تي” (AT&T) و”فولكس فاغن” (Volkswagen) لرويترز إنهما أوقفتا إعلانات تويتر مؤقتا ولم يتم استئنافها لحد الآن.
وتضرر موقع تويتر بسبب انخفاض هائل في الإعلانات منذ الاستحواذ، لكن ماسك قال لشبكة “بي بي سي” (BBC) البريطانية الشهر الماضي إن معظم المعلنين يعودون إلى المنصة.
غير أن بيانات من بعض شركات الأبحاث الخارجية ومن العديد من المعلنين تظهر أن الأعمال الإعلانية لتويتر ربما لا تتراجع بالحجم الذي يتم الترويج له.
وقالت جاسمين إنبرغ، المحللة الرئيسية في “إنسايدر إنتليجنس” (Insider Intelligence) إن “علامة تويتر الزرقاء سببت فوضى وارتباكا للعلامات التجارية التي كانت بالفعل متخوفة من عمليات انتحال الهوية. إنهم لا يريدون البقاء على منصة يشعرون بالضعف فيها مقابل المحتالين”.
ومنذ أن اشترى ماسك تويتر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي وبدأ في إجراء تغييرات سريعة، كانت العلامات التجارية تتناقش حول ما إذا كان ينبغي عليها الاستمرار في الإعلان على المنصة. وقالت إنبرغ إن إزالة تويتر للعلامات الزرقاء قد يدفع بعض الشركات إلى التوقف عن التغريد وإلغاء ملفها الشخصي.
وأضافت “هناك القليل من الحوافز للعلامات التجارية للاستمرار عندما تعتقد أنها معرضة للخطر، وخاصة على منصة لن يكون لها فيها أي تأثير”.
وبدورها قالت راشيل موران بريستريدج، وهي باحثة دكتوراه في مركز جامعة واشنطن، إن علامات التحقق على تويتر لسنوات أعطت المستخدمين الثقة في أن الحساب كان شرعيا.
وقالت لرويترز في رسالة بالبريد الإلكتروني “بدون هذا التحقق يتعين على المستخدمين القيام بمزيد من العمل الشاق لمحاولة التأكد مما إذا كان الحساب موثوقا”.
وبدأت تويتر في 22 أبريل/نيسان الماضي بمنح بعض المستخدمين البارزين علامة تحقق مرة أخرى، في خطوة زادت من الارتباك.
وقال الباحث المستقل ترافيس براون لرويترز إنه في غضون 48 ساعة التالية، تم فجأة إعادة العلامة الزرقاء لحسابات تويتر الأكثر متابعة، من خلال تويتر بلو، باستثناء 110 حسابات، مما يشير إلى أن تويتر من المحتمل أن تكون قد منحت علامات التحقق من جديد.
ولم تعلق تويتر ولا ماسك على إعادة علامات التحقق لعدد قليل من المستخدمين المختارين.
وصدر في الأسبوع الماضي حساب مزيف يحمل علامة اختيار ذهبية تستخدم لـ”المنظمات التي تم التحقق منها” ينتحل صفة “ديزني جونيور يوكيه” (Disney Junior UK)، وهي قناة تلفزيونية ألغتها سابقا ديزني. وقالت شركة “ديزني” (Disney) لرويترز إنها اتصلت بتويتر وتم تعليق الحساب.
وقالت “إم تي إيه” في نيويورك الخميس الماضي إنها “لا تدفع لمنصات التكنولوجيا” وستتوقف عن إرسال تنبيهات ومعلومات الخدمة على تويتر.
وقالت هيئة النقل في بيان “لم يعد من الممكن ضمان مصداقية (تويتر)”.
التراجع التدريجي
منذ الإطلاق الأولي لخدمة تويتر بلو في نوفمبر/تشرين الثاني، نشرت تغريدات المحتالين العديد من المعلومات المضللة والضارة.
وقد انخفضت أسهم شركة الأدوية الأميركية “إلي ليلي آند كو” (Eli Lilly and Co) بأكثر من 4% واضطرت إلى الاعتذار بعد أن نشر أحد مستخدمي تويتر، (انتحل صفة حساب الشركة الرسمي)، تغريدة تقول إن “الأنسولين أصبح مجانيا”.
كما شوهت الحسابات الوهمية على تويتر سمعة شركة “لوكهيد مارتن” (Lockheed Martin) وشركة “نينتندو” (Nintendo).
وأخبرت تويتر المعلنين في رسالة بالبريد الإلكتروني الشهر الماضي أن الشركات التي تنفق أقل من ألف دولار شهريا على إعلانات تويتر يجب أن تشترك في خدمة “تويتر بلو” أو تدفع لتكون جزءا من برنامج “المؤسسات التي تم التحقق منها” لمواصلة تشغيل الإعلانات على النظام الأساسي، وفقا لما قاله مات نافارا، مستشار وسائل التواصل الاجتماعي الذي عمل مع “إم تي إيه” و”موزيلا” (Mozilla).
وقال إريك يافربوم، الرئيس التنفيذي لوكالة العلاقات العامة “إيريكو كومينكاشنز” (Ericho Communications) ومقرها نيويورك، إن المزيد من العلامات التجارية من المرجح أن تتراجع إذا لم تنفذ تويتر نموذجا صارما للتحقق من حسابات المستخدمين.
وقال يافربوم في رسالة بالبريد الإلكتروني لرويترز “العلامات التجارية أوقفت بالفعل الإعلانات على تويتر، والكثير منها لن تعود ولدي شعور بأن المزيد من الشركات ستضع حدا للإعلان على المنصة”.
واتخذت بعض العلامات التجارية بالفعل إجراءات مضادة ضد انتحال الهوية عبر الإنترنت من خلال الاحتفاظ بخدمات شركات إدارة سمعة العلامة التجارية.
وقال كيفن لونغ الرئيس التنفيذي لشركة “سوشيال إمبوستر” (Social Impostor)، إن عددا من العوامل تجذب منتحلي الشخصية عبر الإنترنت إلى أحد المشاهير أو العلامة التجارية.
وقال لونغ، الذي أغلقت شركته أكثر من 8 آلاف حساب مزيف عبر منصات رئيسية، لرويترز في رسالة بالبريد الإلكتروني “لا تتوقع أنه إن كانت لديك، أو ستكون لديك علامة تحقق زرقاء فإن ذلك يكفي لتمنع المحتالين من إنشاء حسابات وهمية”.