لم تمض ساعات على كشف شركة “غوغل” عن عائلة الهواتف الذكية الجديدة التابعة لها “بكسل 9” قبل بدء الهجوم عليها عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، والسبب وراء هذا الهجوم هو صورة تم تسريبها لبرنامج “تيم بكسل” (Team Pixel) الذي يضم مجموعة من المؤثرين تمكنوا من الحصول على هواتف “بكسل” قبل طرحها رسميا.

أظهرت الصورة أن “غوغل” تجبر المؤثرين المشاركين في هذا البرنامج الترويجي على نشر المراجعات الإيجابية فقط عن هواتفها الجديدة، وعدم ذكر أي سلبيات أو وضعها في مقارنة مباشرة مع المنتجات الأخرى.

أثار هذا الأمر حنق المجتمع التقني حول العالم، لتبدأ أصابع الاتهام تتجه إلى الشركة بكونها تزور المراجعات وتحاول خداع المستخدمين لجعل هواتفها تبدو أكثر تميزا من المنافسين، ولكن هل تعمدت “غوغل” فعل ذلك؟ وما قصة هذه الصورة؟ والأهم هل تستحق هواتف “بكسل 9” كل هذه الضجة؟

ما “تيم بكسل”؟ وما قصته؟

تملك الشركات التقنية العديد من الأسلحة التسويقية في ترسانتها، ولكن من ضمن هذه الأسلحة وأقواها هو إرسال نسخة من منتجاتها المختلف إلى المؤثرين والمراجعين والصحفيين التقينين من أجل الحصول على تغطية تساعدهم في الترويج لمنتجاتهم، ولا تعد هذه الآلية حصرية لشركة “غوغل”، إذ تقدم العديد من الشركات هذه الآليات بشكل واسع ولكن بأشكال مختلفة تتناسب مع خطط الشركات التسويقية.

ومن المهم وضع حد واضح وفاصل للتفرقة بين المؤثرين بشكل عام والمراجعين التقنيين، إذ يختص التقنيون بتحليل الهواتف والمنتجات وتقديم رأي مبني على خبرة وتجارب عديدة سابقة للمنتج من ناحية تقنية بشكل أساسي مع وضع المنتج في مقارنة أمام المنافسين، وعلى عكس ذلك، فإن المؤثرين لا يهتمون بالجوانب التقنية أو وضع المنتج في المقارنة أمام الشركات الأخرى إما لغياب الخبرة التقنية اللازمة للحكم على المنتجات أو لأنهم لا يعملون في هذا القطاع تحديدا.

وفق التصريحات التي قدمتها “غوغل” فضلا عن عدد من المنافذ الإعلامية التقنية، فإن برنامج “تيم بكسل” ليس مخصصا للمراجعين التقنين أو الصحافة التقنية بشكل عام، بل هو مختص بالمؤثرين بشكل مباشر، وهذا يعني أن الشركة صممت البرنامج ووضحت بنوده بناء على استخدام المؤثرين فقط وليس التقنيين.

بالطبع، اتخذ بعض الناشئين في قطاع المراجعات التقنية من هذا البرنامج وسيلة للحصول على هواتف “بكسل” قبل المستخدمين المعتادين وبشكل مجاني، ولكن هذا لا يعني أنهم حصلوا عليه للمراجعة وتقديم رأيهم التقني، بل إن الهدف من هذا البرنامج هو الترويج للهاتف بشكل مباشر وجعله يبدو مناسبا للمستخدمين.

فضلا عن ذلك، فإن “غوغل” لا تدير هذا البرنامج بنفسها بشكل مباشر، بل تعتمد على شركة تسويق أخرى مختصة بالعمل مع المؤثرين والمنافذ الإعلامية حول العالم، وهي تدعى “1000 رأس” ( 1000heads)، أي أن البند الواضح في الصورة لا يشير إلى رؤية وفلسفة “غوغل” بشكل أساسي، لأنها ترسل منتجات المراجعة بشكل مباشر إلى المراجعين دون وضع قيود على ما يمكن قوله.

خطأ لغوي

في أعقاب الضجة التي حدثت عبر منصات التواصل الاجتماعي، خرجت “غوغل” بالتعاون مع أكثر من مصدر عبر مدير قسم التواصل كايلا جير، مؤكدة أن ما حدث هو خطأ لغوي فادح وقد تم تلافيه بالفعل، وهو لا يعكس وجهة نظر “غوغل” في المراجعات.

تماشت آراء عدد من الخبراء التقنيين مع تصريح “غوغل”، مؤكدين أن وجود مثل هذا البرنامج يضر بعملهم ويجعل المستخدم النهائي حائرا بين رأي التقني الخبير وبين رأي المؤثرين الذين لا يملكون خبرات تقنية كافية للتعليق وبناء رأي مناسب وحقيقي حول المنتج، مثل “إم كيه بي إتش دي” (MKBHD) الذي شارك مقطع فيديو عبر تغريدة في “إكس” حول هذا الأمر، وأشار إلى أن المستخدم المعتاد لا يهتم للفارق بين المؤثر العام وبين الخبير التقني والمراجع التقني، إذ ينظر إلى أي شخص يحصل على الهاتف أنه خبير تقني ومراجع، فضلا عن تعمد بعض المؤثرين الترويج لأنفسهم بهذا الشكل.

 

 

ورغم كل هذه التأكيدات والتصريحات الرسمية من “غوغل” وغيرها، فإنه من الصعب الثقة في كون الشركة بريئة من تهمة تزوير المراجعات أو ترجيح كفة هواتفها، إذ إن غياب المستندات الرسمية التي تطلب هذا الأمر بشكل واضح لا يعني أن الشركة لم تطلبه بشكل ودي عبر ممثليها، ويوجد العديد من المواقف التي تضمنت شركات حاولت ترجيح منتجاتها، وربما كان أبرزها ما حدث مع أحد المراجعين التقنيين المصريين المعروف باسم “أبو عمر” عندما حاولت “هواوي” (Huawei) إجباره على استخدام هواتفها بشكل رسمي كهاتف شخصي والتصريح بذلك بشكل مباشر في عام 2019.

أداة للتغطية على المشاكل الحقيقية

تسببت هذه الأزمة في التغطية على العديد من أخبار هواتف “بكسل 9” الجديدة بمختلف فئاتها، ورغم أن ظاهر الأزمة هو الدعاية السلبية للهاتف، فإن “غوغل” نجت من نوع آخر من الدعاية السلبية، وذلك بعد أن ظهرت عدة مشاكل في الهواتف الجديدة.

نشر الخبير التقني شاز محمد “شازام” (Shazzam) عبر حسابه في “إكس” صورة توضح الاختبارات الحرارية لأداء معالجات “تينسور جي 4” (Tensor G4) المستخدمة في هواتف “بكسل 9” الجديدة، وبحسب هذه الصورة، فإن المعالج يعاني من اختناق حراري واضح رغم استخدام آلية حجرة التبريد النشطة لخفض درجة حرارة المعالج، ونتيجة لهذا الاختناق، فإن أداء الهاتف ينخفض بأكثر من 50%.

لا تعد أزمة الاختناق الحراري جديدة على معالجات “بكسل”، ولكنها مكررة من العام الماضي، إذ حدثت مع الجيل السابق ويبدو أنها تستمر في الحدوث مع هذا الجيل أيضا، بفضل مزايا الذكاء الاصطناعي المعززة بكثافة في الهاتف.

ولا تنتهي مشاكل “بكسل 9” عند الاختناق الحراري للمعالج فقط، بل تمتد إلى ثغرة برمجية خطيرة في إحدى تطبيقات الهاتف تتركه عرضة للاختراق بكل سهولة ويسر، وذلك وفق تقرير “وايرد” (Wired)، إذ نقل الموقع عن الشركة الاختبارية “آي فيرفاي” (Iverify) وجود تطبيق يتم تثبيته بشكل خفي ويعمل بشكل خفي أيضا يضم ثغرة يمكن اختراقها بسهولة، ووفق تقرير الشركة، فإن هذه الثغرة موجودة في هواتف “بكسل” منذ عام 2017.

لا يأتي التطبيق المعرض للثغرة مباشرة من “غوغل” بل تم تطويره بالتعاون مع شركة “سميث ميكرو” (Smith Micro) ليسهل وضع الهاتف في وضع العرض التجاري لدى الوكلاء، ولكن هذا لا يعني أن “غوغل” غير ملامة لترك الثغرة موجودة منذ عام 2017، وبشكل غريب تم سد الثغرة مؤخرا أثناء ضجة المراجعات الخاصة بالهاتف.

تتابع الأحداث حول هواتف “بكسل 9” يدفعنا للتساؤل، هل كانت أزمة المراجعات مفتعلة حتى تختفي الأزمات الأخرى، خاصة مشكلة الاحتباس الحراري التي تم مهاجمة هواتف “آيفون 15 برو” بسببها في العام الماضي بشكل كبير؟

شاركها.
Exit mobile version