نشر المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات تحليلًا للكاتب فلاديمير بروخفاتيلوف حول برنامج الدردشة الصيني “ديب سيك”، متسائلًا عن سبب الهستيريا التي أثارها لدى شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية، وموضحًا أن شركات التكنولوجيا الأميركية، التي حظيت بكثير من الدعاية، ليست سوى مستهلكة لمليارات الدولارات، تمامًا مثل المجمع الصناعي العسكري.

وأشار الكاتب إلى أن شركة صينية ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي أذهلت وادي السيليكون وول ستريت، بعرضها نموذج ذكاء اصطناعي يضاهي نماذج شركة “أوبن إيه آي” الأميركية الرائدة في تطوير الذكاء الاصطناعي، ولكن بتكلفة أقل بكثير واستهلاك أقل للطاقة.

وفي سياق متصل، ذكر الكاتب أنه في الأسبوع الماضي نشرت شركة “ديب سيك” من مدينة هانغتشو، والتي لم يتجاوز عمرها عامًا، نتائج برنامج الدردشة الجديد الخاص بها “ديب سيك-آر1” الذي أظهر أداء مماثلًا لأفضل نماذج “أوبن إيه آي”.

ووفقًا لبيانات “ديب سيك”، فقد بلغت تكلفة تطوير وتدريب برنامج الدردشة 5.6 ملايين دولار، وفي الوقت نفسه تروّج الشركات الأميركية المنافسة مثل “أوبن إيه آي” و”ميتا” لإنفاق عشرات المليارات على نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، والتي تعمل على أحدث الرقائق من شركة “إنفيديا”.

وأوضح الكاتب أن الإطلاق المذهل لبرنامج الدردشة الصيني أثار عملية بيع عالمية لأسهم شركات التكنولوجيا الأميركية، ففي صباح يوم الاثنين 27 يناير/كانون الأول انخفضت العقود الآجلة لمؤشر “ناسداك” ومتوسط “داو جونز الصناعي” ومؤشر “إس آند بي 500”.

وتساءل الكاتب: كيف تقارن “ديب سيك” بمنافساتها الأميركية مثل “أوبن إيه آي” و”ميتا”؟

ووفقًا لبيانات “ديب سيك”، فقد أظهر برنامج الدردشة الخاص بها نتائج مماثلة لنماذج “أوبن إيه آي” و”ميتا” في الاختبارات الرائدة مثل “إيه آي إم إي 2024″ الذي يختبر القدرات الرياضية، و”فهم اللغة المتعدد المهام الضخم” الذي يقيّم المعرفة العامة.

وفي تصنيف “ساحة برامج الدردشة” الذي جمعه المجتمع، جاء “ديب سيك-آر1” في مرتبة أدنى من نماذج “جيمني 2.0 فلاش ثينكينغ” من غوغل و”شات جي بي تي-4 أو”. وكان “ديب سيك-في3” أقل قليلا من نماذج “أو ون بريفيو” و”فول أو ون” من “أوبن إيه آي”.

وفي التقرير الفني الخاص بنموذجها “في3″، ذكرت “ديب سيك” أنها استخدمت لتطويره مجموعة من أكثر من ألفي وحدة معالجة رسومات من “إنفيديا”، وهو أقل بكثير من عشرات الآلاف من الرقائق التي تشتريها الشركات الأميركية لتدريب نماذج مماثلة الحجم.

ويرى الكاتب أن نموذج الذكاء الاصطناعي “ديب سيك” قد يشكل تحديًا لأعمال “إنفيديا” التي تعتمد على طلب الشركات الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي مثل “أوبن إيه آي” و”ميتا” و”غوغل” التي تنفق مليارات الدولارات لإنشاء نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها وتدريبها، والأهم من ذلك أنه يمكن استخدام برنامج الدردشة الصيني مجانًا.

ويشير المطورون إلى أن الميزة الرئيسية لبرنامج “ديب سيك” هي التكلفة الأقل بكثير للمعدات والتدريب مقارنة بالمنافسين. وبحلول يوم الاثنين، تجاوز “ديب سيك” برنامج “شات جي بي تي” في عدد التنزيلات من متجر تطبيقات آبل في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين نفسها.

ونقل الكاتب عن هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قولها إن الانهيار بدأ في البورصات الغربية “وكان كبيرًا للغاية؛ فقد انخفضت القيمة السوقية للشركات المتداولة في مؤشر شركات التكنولوجيا العالية الأميركي ناسداك بمقدار تريليون دولار. وقد وصف مارك أندريسن، الشريك المؤسس لصندوق رأس المال الاستثماري الكبير أندريسن هورويتز، ما حدث بأنه لحظة سبوتنيك، في إشارة إلى إطلاق أول مركبة فضائية من قبل الاتحاد السوفياتي عام 1957، مما كشف للعالم عن الوضع الحقيقي للعلوم السوفياتية في هذا المجال”.

وأكد الموقع أن مؤشر “ناسداك”، حيث يتم تداول أسهم “إخوة التكنولوجيا” الأميركية -مثل “ميتا” و”ألفابيت” و”إنفيديا” و”آبل” وغيرها من عمالقة التكنولوجيا- انخفض بنسبة 3.1%. وكانت شركة “إنفيديا” الأكثر تضررًا، وهي التي كانت الأسبوع الماضي أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية. فقد انهارت أسهمها بنسبة 17%، وفقدت ما يقرب من 600 مليار دولار من قيمتها، لتتراجع مرة أخرى لمصلحة “آبل” في المركز الأول.

واختتم الكاتب تقريره مشيرًا إلى أن أسهم الشركات الأميركية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي ارتفعت ارتفاعا حادا، بمجرد أن أعلن الرئيس ترامب عن خطط للقطاع الخاص لاستثمار 500 مليار دولار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي من خلال شركة “ستارغيت” التي ستقوم ببناء مراكز بيانات في تكساس وخارجها، وتعد بتوفير 100 ألف وظيفة جديدة وهو ما جعل الإعلان عن نموذج “ديب سيك” بعد ذلك كالزلزال الذي أيقظ وادي السيلكون وجعله يعيد التفكير في حجم استثماراته المبالغ فيه في هذا المجال.

شاركها.
Exit mobile version