تعتبر قمة الويب فرصة كبيرة لالتقاء الآلاف حول العالم على هدف واحد وهو “مشاركة الأفكار التقنية”، فهذا المؤتمر -الذي أسسه بادي كوسغريف عام 2009 في دبلن وينظم الحدث الأكبر له منذ عام 2016 سنويا في لشبونة عاصمة البرتغال- يعد بمثابة العيد الذي ينتظره جميع التقنيين ورواد الأعمال والشركات على حد سواء.

لكن العام الماضي وبسبب أحداث طوفان الأقصى وتصريحات مؤسس القمة بادي -التي اعتبرت دعما لغزة- انقسم المشاركون فقد قرر بعضهم عدم المشاركة في هذا المؤتمر الضخم تعبيرا عن رفضهم لتصريحات بادي، ومن بينهم غوغل وميتا، في حين استمر بعضهم الآخر في دعم المؤتمر.

ولكن هذا العام ظهرت في المؤتمر ملامح تغيير لم تعهدها المؤتمرات التقنية السابقة، وأصبحت كلمة “فلسطين” حاضرة في المؤتمر، وإن لم يحضر أبناؤها بشكل واضح بسبب ظروف الحرب.

جناح الجزيرة يستضيف زوارا من نوع آخر

شبكة الجزيرة الإعلامية تعتبر أحد الشركاء في قمة الويب ولديها جناح خاص هناك كأي شريك للقمة، ويتوافد العديد من الزوار لهذا الجناح لعرض التقنيات في مجال الإعلام أو حتى لمحاولة إجراء لقاء صحفي، لكن الملاحظ هذا العام هو قدوم أشخاص وأغلبهم أجانب فقط لإبداء الدعم لما تقوم به الشبكة في تغطيتها للأحداث في غزة.

جوش من أميركا، وهو أحد مؤسسي شركة تعمل في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي، وقد حضر للجناح حيث أبدى إعجابه بالتغطية التي تقدمها الجزيرة حول غزة ويقول “أصبحت أتابع كل ما تنشره الجزيرة لأني أعتبرها صحافة حقيقية”.

كريستيان -وهو أحد المتحدثين في القمة من بريطانيا- حضر لجناح الجزيرة يتساءل كيف يمكنه التواصل مع أحد زملائنا الإعلاميين في “إيه جي بلس” (AJ+) الإنجليزية، لأنه يود الحديث عن ضرورة دعم المجتمع في غزة المتضرر بشدة في هذه الحرب، ويقول عن تغطية الجزيرة “إنكم تقومون بعمل رائع حقا في إظهار هذه القضية”.

وأخبرني -أيضا- أحد الموظفين في جناح شركة “أدوبي” -بعد إجراء حوار معه عن تقنيات الشركة ودون التطرق لأي حوار خارجي- أنه يتابع الجزيرة منذ عدة أشهر، وأنها أصبحت وسيلته المفضلة في البحث عن حقيقة الصراع في الشرق الأوسط، وعبّر عن دعمه لمجهود الفريق الصحفي الذي يغطي ما يحدث في غزة.

قصة ملتقى رواد الأعمال الفلسطينيين

خلال المؤتمر لم أر رواد أعمال فلسطينيين، ولكني علمت من بادي رئيس المؤتمر أن هناك لقاء لرواد أعمال من القدس الشرقية استضافتهم القمة، ونصحني بالتوجه للقائهم.

وعندما وصلت مكان اللقاء، وجدت العديد من المؤازرين الذين قدموا للقاء هؤلاء الشباب وتحدثت إليهم وأبدوا دعمهم لقضيتهم، وقد كان لي هذا اللقاء مع رجائي نسيبة مؤسس “سيجما لاب” وهي مؤسسة غير ربحية هدفها تطوير الشباب الفلسطيني ودعم الشركات الناشئة في القدس، لأن القدس بشكل عام مستثنية من جميع أشكال التمويل.

بدأت المؤسسة منذ 3 سنوات، ومن أهدافها، عمل شبكة علاقات مهنية مع المنظمات والمؤسسات لدعم رواد الأعمال المقدسيين في محاولة لإيجاد مناخ يساعدهم على الاستمرار، برغم الصعوبات التي يواجهونها.

وعن حضورهم القمة، قال رجائي إنهم تواصلوا مع مؤسسة “ويب سمت” المسؤولة عن الفعالية وأبلغوها برغبتهم في حضور هذا الحدث ومحاولة التواصل مع جهات راعية في هذا المجال، وقد وجدوا تجاوبا كبيرا من مسؤولي الفعالية، وتكفلوا بتكاليف الدعوة لأعضاء المؤسسة.

وعن ملتقى رواد الأعمال الفلسطينين، ذكر رجائي أنه لم يكن مخططا له، ولكن بعد لقائهم في اليوم الثاني مع الرئيس التنفيذي للمؤتمر بادي طلبوا منه أن يكون لديهم مساحة يمكنهم فيها من الالتقاء مع الآخرين، وهو ما كان، حيث وفر لهم المكان في اليوم الأخير للقيام بالاجتماع مع الداعمين في والمهتمين بمعرفة نشاطات المؤسسة ووضع ريادة الأعمال في القدس الشرقية.

وبشأن رؤيته للدعم في هذه القمة، يرى نسيبة أن العديد من زوار القمة يتوافدون لإبداء الدعم، وأنه لاحظ ذلك من العديد من الزوار الأوروبيين، وأن الحرب الحالية غيرت العديد من المفاهيم في عالم الأعمال والنظرة إلى الظروف الإنسانية للفلسطينيين.

قمة الويب في الدوحة - الجزيرة نت

أدريانا برتغالية تعشق فلسطين وتقدر الجزيرة

في لقاء رواد الأعمال الفلسطينيين وجدت العديد ممن حضروا لمؤازرة هؤلاء الشباب من جميع الجنسيات، وكان لي هذا اللقاء مع صاحبة شركة برمجيات برتغالية تآزر فلسطين وتتمنى زيارتها.

أدريانا سيدة أعمال برتغالية وأم لديها شركة برمجيات، حرصت على إجراء مقابلة مع الجزيرة للتعبير عن مؤازرتها للقضية الفلسطينية، تقول أدريانا عن دوافعها خلف هذا التأييد “لا يمكن لأي إنسان أن يعود للعمل والحياة بشكل طبيعي بعد أن يرى هذه المشاهد المرعبة في غزة، وأفكر دائما كيف سيكون شعوري لو حدث هذا الأمر لي أو لأطفالي”، تضيف إنه “أمر مرعب، ولا يمكن تخيله والسكوت عنه لأي إنسان”.

وتقول أدريانا “لقد أخذت أولادي على المظاهرات المؤيدة لفلسطين وهي المرة الأولى التي يشاركون فيها في مظاهرات من هذا النوع، وقد قال لي طفلي الأصغر بعد الرجوع للبيت من المظاهرة أمي متى يمكننا أن نزور فلسطين؟”.

وعن تغطية الجزيرة لما يحدث في غزة، توضح أدريانا “لا أعرف كيف أشكركم على هذه التغطية أنتم تقومون بعمل رائع، وأنا أتابع تغطيتكم بشكل كبير”.

ربما تكون قمة الويب بدأت كقمة مخصصة لمشاركة الأفكار التقنية وتجمع المهتمين جميعهم بالتكنولوجيا، ولكن هذه القمة بدت أن هناك اهتماما جديدا بدأت الناس تحب أن تشاركه في هذا الحدث العالمي وهو التعاطف الإنساني مع ما يحدث في غزة وإبداء المؤازرة للجهات التي تحاول أن تحصل على فرص حياة كريمة عن طريق التكنولوجيا.

شاركها.
Exit mobile version