قالت صحيفة فايننشال تايمز الأميركية إنه ومع تنامي الطلب على رقائق إنفيديا (Nvidia) في سوق الذكاء الاصطناعي، دخلت وول ستريت في حمى إقراض كبيرة بقيمة 11 مليار دولار لصالح شركات تُعرف بـ”السحابة الجديدة”، التي تقدم خدمات سحابة حوسبة عالية الأداء لشركات الذكاء الاصطناعي الناشئة.
وتشمل قائمة المقرضين الرائدين -وفق الصحيفة- شركات مثل بلاكستون، بيمكو، كارلايل، وبلاك روك، الذين أطلقوا سوقا جديدة للديون تعتمد على تقديم قروض ضخمة بضمان رقائق إنفيديا التي تعتبر أحد أهم الموارد المطلوبة في سوق الذكاء الاصطناعي.
لمن السوق؟
وتعد شركة “كور ويف”، ومقرها نيوجيرسي، من بين أكبر الشركات في قطاع “السحابة الجديدة” وقد جمعت ما يزيد على 10 مليارات دولار من القروض في الـ12 شهرا الماضية وحدها، من ضمنها مليار دولار من بلاكستون و500 مليون دولار من “ماجنتر كابيتال”، إلى جانب قروض من “جيه بي مورغان” و”غولدمان ساكس” و”مورغان ستانلي”.
وتستخدم الشركة هذه الأموال لشراء عشرات الآلاف من رقائق “إنفيديا”، وقد بلغ عدد الرقائق المملوكة لها حوالي 45 ألف شريحة، مما يجعلها المشغل الأكبر لرقائق “إنفيديا” في أميركا الشمالية.
ووفقا لتقرير فايننشال تايمز، فقد ازدادت قيمة الشركة بشكل كبير من ملياري دولار إلى 19 مليار دولار خلال 18 شهرا، وتخطط لطرح أسهمها للاكتتاب العام في النصف الأول من عام 2025.
ويصف أحد كبار المستثمرين في الشركة قائلا “نجاح كور ويف الأولي يعود لتأمينها طاقة الحوسبة من إنفيديا في الوقت الذي شهد فيه الذكاء الاصطناعي انفجارا في الاستخدامات”، وأضاف “التحول إلى الذكاء الاصطناعي في اللحظة المناسبة أسهم بشكل كبير في رفع قيمتها”.
مخاطر هيمنة إنفيديا
لكن ما يثير المخاوف -وفق الصحيفة- هو التركيز الكبير على إنفيديا، حيث يستخدم العديد من المقترضين رقائقها كضمانات للقروض، مما يجعل السوق معرضة بشكل كبير لأي تغيرات في قيمة هذه الرقائق.
فعلى الرغم من الطلب العالي على الرقائق، فإن أسعارها قد انخفضت في بعض الأسواق، حيث تراجعت تكلفة ساعة حوسبة “جي بي يو” من 8 دولارات إلى نحو دولارين بسبب ارتفاع العرض.
كما أن اعتماد الشركات على “إنفيديا” يشكل قلقا في السوق، حيث يُقال إن الشركة تمنح وصولا تفضيليا لرقائقها للشركات التي تستثمر فيها، وفق ما نقلته الصحيفة.
ورغم ذلك، ينفي محمد صديق، مدير بالشركة، وجود مثل هذه التفضيلات، مؤكدا لـ”فايننشال تايمز”: “نحن لا نساعد أي عميل على تجاوز الطابور، وكل شيء منظم من ناحية التوريد”.
تحديات الاقتراض
وتوضح مصادر للصحيفة أن “كور ويف” نجحت في الحصول على هذه القروض الكبيرة، بسبب عقودها مع “مايكروسوفت” (Microsoft)، التي تُعد أكبر داعم لشركة “أوبن إيه آي” للذكاء الاصطناعي، حيث وقّعت الشركة عقدا معها يقدر بأكثر من مليار دولار على مدى عدة سنوات، مما حفز المقرضين على تقديم تمويل إضافي بقيمة ملياري دولار لشراء المزيد من رقائق إنفيديا.
كما أشار مصدر قريب من الصفقة للصحيفة إلى أهمية هذا العقد، قائلا “كان عقد مايكروسوفت أساسيا لتمويل قروض بقيمة ملياري دولار لشراء رقائق جي بي يو”.
وإلى جانب “كور ويف” تمكنت شركة “لامبدا لابز” من الحصول على قرض بقيمة 500 مليون دولار من “ماكواري”، في حين جمعت شركة “كروسو” مبلغ 200 مليون دولار من صندوق “نيويورك أبر 90”. وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي أبرمت شركة كروسو صفقة بقيمة 3.4 مليارات دولار مع “بلو أول كابيتال” لبناء مركز بيانات جديد في تكساس، يخدم أوراكل وأوبن إيه آي.
وتوضح الصحيفة أن الاعتماد الكبير على رقائق إنفيديا يعتبر سيفا ذا حدين، إذ قد يشكل فائضا كبيرا من الرقائق في السوق إذا انخفض الطلب على الذكاء الاصطناعي أو تم استبدالها بإصدارات أحدث.
ويقول “نات كوبيكار” من مجموعة أورسو بارتنرز للصحيفة “جميع المقرضين يشجعون على الاقتراض بضمان الرقائق، لكن يجب أن نتذكر أن الرقائق أصول تتراجع قيمتها مع الوقت، وليست أصولا استثمارية تزيد في قيمتها”.
ويستند تفاؤل المستثمرين على تزايد الطلب المستقبلي في قطاع الذكاء الاصطناعي، حيث يرى “إيريك فولك”، رئيس الإستراتيجية في “ماغنتر”: “التنبؤ بالطلب صعب، لكن تاريخيا فإن التوقعات تقلل من تقدير الطلب المستقبلي”.