استولت شركة غوغل على ساحة محركات البحث منذ ما يزيد على 25 عاما، وتمكنت “غوغل” خلال هذه الفترة من أن تصبح مرادفة لكلمة “محرك بحث”، إذ يظن البعض أن مفهوم محركات البحث مقتصر على ما تقدمه غوغل فقط.
ظلمت هيمنة غوغل كاملة على قطاع محركات البحث في مختلف دول العالم على عكس منصات التواصل الاجتماعي، إذ تفضل بعض المجتمعات منصات على غيرها، ولكن في مختلف دول العالم ومجتمعاته، تظل غوغل هي الخيار الأول لمحركات البحث، رغم تغير طرق الوصول إلى المحرك واستخداماته عبر السنين، فإنه يظل الخيار الأول في أي عملية بحث.
أصدرت المحاكم الفدرالية حكمها في قضية القرن التقنية بأن غوغل شركة تحتكر قطاع محركات البحث، ويجب عليها تصحيح خطواتها لتسمح للمنافسين بالوجود، وفي الوقت ذاته، أعلنت “أوبن إيه آي” أنها تنوي طرح محرك البحث الخاص بها “سيرش جي بي تي” في القريب العاجل، لتقع غوغل بين مطرقة القوانين الأميركية وسندان المنافسين الذين حاولوا لسنوات طويلة زعزعة سيطرة الشركة على هذا القطاع.
يوجد عديد من المنافسين لمحرك بحث غوغل، وفي أغلب الحالات، يقدم هؤلاء المنافسون خيارات أكثر تنوعا من تلك التي يوفرها غوغل.
محرك بحث “بريف” (Brave)
خلال السنوات الماضية، استطاع مطورو متصفح الإنترنت “بريف” (Brave) -المبني على نواة “كروميوم” المميزة- التنافس بشراسة في قطاع متصفحات الإنترنت وتقويض حصة “كروم” المهيمنة على هذا القطاع، ولكن يبدو أن هذه الشركة تضع أهدافا أكثر من مجرد محرك بحث نصب عينيها.
في الوقت ذاته، طرحت الشركة محرك بحث يحمل الاسم ذاته “بريف”، ورغم تشابه فكرة محرك البحث الرئيسية مع غوغل، فإنه يختلف في تطبيقها، وبينما تجمع الأخيرة كافة البيانات عن المستخدمين وتسمح بعرض الإعلانات المنبثقة، فإن “بريف” يحظر هذه التقنيات تماما، لتصبح تجربة تصفح الإنترنت والبحث عن المعلومات خالية من أي نوع من المتتبعات.
يتميز محرك “بريف” بالتركيز منقطع النظير على الخصوصية عبر الاعتماد على آليات زحف مختلفة عن الآليات المعتادة المستخدمة في غوغل، فضلا عن توجيه صفحات الإنترنت عبر واجهة برمجية تضمن سرية الاستخدام وحماية بيانات المستخدم.
يضم محرك البحث بعض المزايا الأخرى التي أدمجت فيه بشكل حديث، بدءا من عرض نتائج البحث عبر استخدام الذكاء الاصطناعي الخاص به أو طلب الإجابة عن الأسئلة المباشرة بضغطة زر من قبل الذكاء الاصطناعي، كما تمكن تصفية نتائج محرك البحث حسب تفضيلك، كأن تزيل نوعا بعينه من المواقع من النتائج.
محرك بحث “داك داك غو” (DuckDuckGo)
تمكنت شركة “داك داك غو” (DuckDuckGo) من حفر اسمها بنجاح وسط قطاع محركات البحث والتطبيقات التي تركز على خصوصية المستخدم، إذ يتباهى محرك البحث بأنه لا يجمع أي بيانات عن المستخدمين مهما كان استخدامهم للمحرك، ورغم وجود بعض تطبيقات التتبع فيه، إلا أنها تابعة لشركة “داك داك غو” ذاته من أجل تحسين تجربة المستخدم قدر الإمكان.
وفق الإحصائية الأحدث لموقع “ستات كاونتر” (StatCounter)، فإن محرك بحث “داك داك غو” يحظى بما يقرب من 0.62% من إجمالي عمليات البحث المجراة عبر الإنترنت بشكل عام، ورغم كون هذه النسبة منخفضة في ظاهرها، فإنها تعكس جاذبية المحرك للمستخدمين، خاصة عند النظر إلى نسبة بقية المحركات مثل “بايدو” (Baidu) الصيني الذي يحظى بنسبة 0.91% رغم كون بقية محركات البحث محظورة في الصين.
يتميز محرك “داك داك غو” بدقة النتائج المعروضة فيه، إذ تقترب من دقة نتائج غوغل، كما أن الشريط العلوي لصفحة النتائج يتغير بناء على نوعية النتائج المعروضة والكلمات المفتاحية المستخدمة، ويوفر المحرك أيضا نسخة تعتمد على تقنية “تور” (Tor) للوصول إلى نتائج أفضل في الخصوصية، فضلا عن وجود متصفح خاص به وخدمة بريد إلكتروني تابعة له أيضا.
لذا يمكن القول بأن خدمات “داك داك غو” هي الأقرب في استبدال خدمات غوغل في القطاعات كافة، وليس محرك البحث فقط.
محرك بحث “إيكوسيا” (Ecosia)
خلال السنوات الماضية، ظهرت عدة تحركات عالمية من مختلف الشركات التقنية لتحسين البيئة وخفض الانبعاثات الكربونية وزرع الأشجار، وهي جميعا مبادئ يجسدها محرك بحث “إيكوسيا” (Ecosia) الذي يسهم في زرع الأشجار في كل مرة يتم استخدامه بها.
منذ انطلاق هذه المبادرة، استطاع محرك البحث زرع أكثر من 180 مليون شجرة في مختلف بقاع العالم بالتعاون مع السلطات المحلية والمؤسسات المحلية، ولكن تعد هذه النقطة هي الشيء الوحيد الذي يركز عليه محرك البحث.
لا توضح واجهة الموقع إن كان يجمع البيانات الشخصية أو يتتبع المستخدمين أم لا، فضلا عن كون النتائج مختلفة قليلا عما ينتج عن محرك بحث غوغل، ولكن في النهاية يمكن الوصول إلى النتائج ذاتها عبر استخدام المحرك، وتوفر الشركة نسخة خاصة من متصفح “كروم” أيضا.
محرك بحث “بري سيرش” (Presearch)
ظهر محرك “بري سيرش” (Presearch) في فترة كانت تقنيات “ويب 3” (Web 3) هي الصيحة الأحدث في عالم الإنترنت، إذ يسخّر المحرك تقنيات الإنترنت اللامركزي لتقديم تجربة مختلفة وفريدة من نوعها، وبدلا من الاعتماد على مجموعة ثابتة من الخوادم التي تديرها الشركة بنفسها من مقرها، فإن “بري سيرش” يعتمد على نقاط حوسبة (Nodes) يتم تشغيلها من خلال حواسيب المستخدمين.
يوفر المحرك إمكانية الاختيار من بين أكثر من محرك بحث مختلف، بدءا من محرك البحث الخاص بهم وحتى محرك بحث غوغل أيضا، وعند استخدام المحرك لفترة كافية، فإنك تحصل على عملات رقمية تتبع “بري سيرش” ومرتبطة بعملة إيثريوم.
تستخدم عمليات الإعلان في المحرك هذه العملة الفريدة، لذا ينفقها المعلنون من أجل الظهور في كلمات مفتاحية بعينها، كما تقدم الشركة مجموعة من المكافآت المختلفة، ولكن ظهرت بعض الشكاوى عبر مواقع الإنترنت المختلفة حول عدم قدرة المستخدمين على سحب أرباحهم.
محرك بحث “بيربلكستي” (PerPlexity)
يمثل محرك “بيربلكستي” (PerPlexity) التجسيد الحي لمحرك بحث يعتمد على الذكاء الاصطناعي، إذ يوفر مجموعة من خدمات الذكاء الاصطناعي المتنوعة للوصول إليها بسهولة، ويمكن استخدامه كنماذج الذكاء الاصطناعي المعتادة أو حتى الاعتماد عليه مثل أي محرك بحث معتاد.
يوفر المحرك عديدا من الخيارات المستخدمة بين نماذج الذكاء الاصطناعي المتنوعة بدءا من “شات جي بي تي” و”كلود” وغيرها من النماذج، وهو الخيار الأول والأكثر تفضيلا للأبحاث العلمية والمعلومات المحدثة التفصيلية كونه قادرا على الوصول إلى أحدث المعلومات عبر مختلف محركات البحث.
محرك بحث “بينغ” (Bing)
يعد محرك بحث “بينغ” (Bing) المنافس الأقوى والأكثر شراسة أمام غوغل، كونه يأتي مدعوما من شركة مايكروسوفت وتقنيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، وقد تمكن المحرك في الآونة الأخيرة من الوصول إلى قاعدة بيانات أكبر نسبيا من السابق بعد تخبط غوغل.
ما زال أمام “بينغ” عديد من العقبات ليتمكن من أن يحل محل غوغل بشكل كامل، ولكنه يعد الخيار الأكثر مثالية لاستبداله، كونه يعتمد على آلية العمل ذاتها مع دعم منقطع النظير من مايكروسوفت.