انتهت الانتخابات الرئاسية الأميركية مؤخرا بفوز الرئيس الأسبق دونالد ترامب وعودته إلى البيت الأبيض مجددا، ورغم أن فوز ترامب كان بأغلبية شعبية، فإن العديد من الخبراء الاقتصاديين أعربوا عن قلقهم من خطته الاقتصادية لزيادة الضرائب على البضائع المستوردة.

تتضمن خطة ترامب زيادة الضرائب على الواردات من الصين بمختلف أنواعها، ورغم أن الفترة السابقة لدونالد ترامب شهدت ارتفاعا في الضرائب المفروضة على الواردات الصينية، فإن الزيادة الجديدة المقترحة تمثل ارتفاعا بمقدار 60% عن الضرائب السابقة المفروضة على البضائع الصينية.

وبينما كانت المنتجات التقنية معفاة من هذه الزيادة في الفترة الرئاسية السابقة بفضل محاولات تيم كوك التواصل مع إدارة البيت الأبيض والكونغرس، توقع خبراء الاقتصاد أن هذا الإعفاء لن يستمر في الفترة الرئاسية الحالية، ومن المتوقع أن تطال هذه الزيادة جميع المنتجات التقنية حتى تلك المصنوعة من الشركات الأميركية على غرار “آبل”.

لماذا ترتفع أسعار المنتجات التقنية من الشركات الأميركية؟

رغم أن الضرائب الجديدة مفروضة على المنتجات الواردة من الصين، فإن العديد من المنتجات التقنية المصنوعة في شركات أميركية ستشعر بهذه الزيادة بشكل كبير، وفي مقدمة هذه المنتجات كل ما تصنعه “آبل”، سواء كانت هواتف “آيفون” أو حواسيب “ماك” المختلفة.

وبينما تعد “آبل” شركة أميركية، إلا أن عمليات تصنيع أجهزة “آيفون” ومختلف المنتجات الخاصة بالشركة تتم خارج الولايات المتحدة، وتحديدا في الصين، لذا من المتوقع أن ترتفع أسعار أجهزة الشركة المصنوعة من هناك.

كانت “آبل” تحاول جاهدة في السنين الماضية الانتقال من التصنيع في الصين إلى دول آسيوية أخرى مثل الهند وإندونيسيا، ولكن حتى الآن تظل النسبة الكبرى لأجهزة “آبل” واردة من الصين، وينطبق هذا الأمر أيضا على جميع المنتجات التقنية التابعة لشركات أميركية ولكن تصنع في المصانع الصينية.

أهم المنتجات التقنية التي ترتفع أسعارها تحت حكم ترامب

وفيما يلي، مجموعة من أهم المنتجات التقنية التي قد ترتفع أسعارها تحت رئاسة ترامب، وذلك إن لم تتمكن الشركات المصنعة لها من إيجاد حل مبتكر يعفيها من الضرائب.

الحواسيب المحمولة 

تعد الحواسيب المحمولة بشكل عام وتحديدا حواسيب الألعاب أحد أهم المنتجات التي قد تشهد ارتفاعا كبيرا في الأسعار بعد قوانين ترامب الجديدة، وذلك بحسب تقرير موقع “آي بي آي إس” (IBIS) العالمي، إذ وصف الموقع الصين بأنها “مركز التصنيع العالمي لأجهزة الحواسيب المحمولة”، وبحسب الدراسة التي أجراها موقع “توم هاردوير” (Tom’s Hardware)، فإن ضرائب ترامب الجديدة تزيد من سعر الحواسيب المحمولة بأكثر من 45%، كونها تصنع في الصين بشكل رئيسي أو تعتمد على مكونات تصنع في الصين.

منصات الألعاب المنزلية 

“مايكروسوفت” و”سوني” و”نينتندو” ليست شركات صينية، ولكنها أيضا ستكون من المتضررين بسبب الضرائب الجديدة، إذ تعتمد هذه الشركات على تصنيع أجهزتها في مدن الصين المختلفة، سواء كانت شنغهاي مثل “مايكروسوفت” أو غيرها من المدن.

وبحسب تقرير نشره موقع “بيزنس إنسايدر” (Business Insider)، فإن الصين بمفردها مسؤولة عن 87% من صادرات أميركا من منصات الألعاب المنزلية، لذا فمن المتوقع أن ترتفع أسعارها بنسب متفاوتة بين كل منصة وأخرى، ويرجح التقرير أن يتراوح الارتفاع بين 250 دولارا إلى 100 دولار تقريبا في المنصة الواحدة.

أجهزة التلفاز والشاشات 

شهد قطاع شاشات العرض وأجهزة التلفاز الذكية العديد من القفزات التقنية في السنوات الماضية حتى أصبحت أحدث التقنيات في متناول يد المستخدم، وأصبح من المعتاد أن نرى أجهزة تلفاز تتجاوز دقة العرض فيها “4 كيه” (4K) مع معدل تحديث إطارات مرتفع، ولكن يبدو أن هذا الأمر ينتهي مع فترة ترامب.

ومن المتوقع أن تشهد الشاشات ارتفاعا في الأسعار يصل إلى 31.2%، مما يعني زيادة سعر شاشات الألعاب والعرض بأكثر من 100 دولار، وأما أجهزة التلفاز فقد تشهد ارتفاعا بمقدار 9% من إجمالي أسعارها، ورغم أن الزيادة قد تبدو منخفضة بعض الشيء، فإن تأثيرها التراكمي سيكون مرتفعا.

الهواتف الذكية 

يعد قطاع الهواتف الذكية من أصعب القطاعات تنبؤا بحجم الزيادة، وذلك لأن الشركات تتخذ أساليب مختلفة في تصنيع هواتفها وبنائها، فبينما تعمل بعض الشركات مثل “آبل” على صناعة هاتفها بشكل كامل في الصين، فإن شركات أخرى لا تصنع هواتفها في الصين وبالتالي لن تخضع الزيادات المقترحة في الضرائب.

وربما تعد “سامسونغ” المثال الأوضح على ذلك، فرغم كونها المنافس الأكبر أمام “آبل” في فئة الهواتف الرائدة، فإنها لن تخضع لتأثير الضرائب، مما يجعل هواتفها بشكل تلقائي أقل ثمنا من هواتف “آبل”، وهو ما يضع الأخيرة في موقف سيئ في المنافسة أمام العملاق الكوري.

هناك نقطة أخرى يجب النظر إليها وهي أسعار الهواتف الرائدة التي أصبحت تتجاوز ألف دولار في أغلب الأحيان، لذا فإن أقل زيادة متوقعة وهي بمقدار 25.8% وفق بيانات مركز “آي بي آي إس” تتسبب في رفع سعر الهواتف لتبدأ من 1250 دولارا، وهو سعر النسخ الرائدة في السنوات الماضية وليس السعر الابتدائي للهواتف.

البطاريات 

أصبحت السيارات الكهربائية والبطاريات الخاصة بها جزءا لا يتجزأ من أسلوب الحياة الأميركي، وبينما كانت حكومة بايدن تشجع وتقدم تخفيضات ضريبية لمن يمتلك سيارات كهربائية في بعض الحالات، فإن سياسة ترامب الجديدة قد تزيد من أسعار هذه السيارات بشكل غير مباشر.

فبينما تصنع السيارة ومكوناتها الرئيسية داخل الولايات المتحدة، فإن البطاريات غالبا ما تأتي من الصين، وبحسب العديد من الدراسات، فإن المكون الأكثر كلفة في صناعة السيارات الكهربائية هو البطاريات التي سيرتفع سعرها بمقدار 12.1%.

يضع هذا الأمر مصنعي السيارات الكهربائية الذي يعتمدون على البطاريات الصينية في موقف حرج أمام “تسلا” التي تصنع بطارياتها بنفسها دون الحاجة لاستيرادها من الصين، مما يضعها في قيمة سعرية أقل من المنافسين مع الحفاظ على المزايا الرئيسية الرائدة التي تقدمها.

هل يتراجع ترامب عن قراراته؟ 

رغم أن السبب الرئيسي لقرارات ترامب الجديدة هو توفير فرص منافسة أفضل للشركات الأميركية أمام الشركات الصينية التي تقدم أسعارا منخفضة بشكل كبير، فإن هذه القرارات الجديدة تنعكس بشكل كبير على الشركات التي تعتمد على الصين في تصنيع منتجاتها.

وربما تعد “آبل” المثال الأوضح على هذا الأمر، إذ تضعها الضرائب الجديدة في موقف سيئ أمام “سامسونغ” التي ستقدم مزايا مقاربة لما تقدمه “آبل” ولكن بسعر أقل، مما سيتبب في بعض الخسائر للشركة، لذا حاول تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة “آبل” تجنب هذه الضرائب في فترة ترامب السابقة، ويظل السؤال الآن، هل يخضع ترامب لضغط الشركات ويتراجع عن ضرائبه؟

شاركها.
Exit mobile version