قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن ضغط رئيس البيت الأبيض دونالد ترامب على أوكرانيا للتنازل عن أراض لصالح روسيا يعد شكلا من “سياسة الاسترضاء الحديثة”.
وفي أول مقابلة له بعد انتهاء فترة ولايته الرئاسية عبر برنامج “توداي” على قناة “بي بي سي”، أعرب بايدن عن قلقه من تآكل العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا في ظل حكم ترامب، مشيرا إلى أن بعض دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) بدأت تعيد النظر في ما إذا كانت واشنطن لا تزال شريكا موثوقا.
وأضاف بايدن: “أوروبا ستفقد ثقتها في ثبات أمريكا وفي قيادتها للعالم”.
وأوضح أن قادة القارة باتوا يتساءلون: “هل يمكنني الاعتماد على الولايات المتحدة؟ هل ستكون موجودة حين نحتاجها؟
وأشار بايدن إلى أن ما يثير القلق بشكل خاص هو اقتراح الإدارة الأمريكية الجديدة بالسماح لروسيا بالاحتفاظ ببعض الأراضي الأوكرانية في إطار السعي للتوصل إلى اتفاق سلام.
وقال بايدن: “هذا شكل من أشكال الاسترضاء في العصر الحديث”.
ووصف الرئيس الأمريكي السابق الجدال الصاخب الذي دار بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي خلال شهر فبراير بأنه كان “أقل من أمريكا”.
وأضاف بايدن يوم الإثنين، منتقدا إدارة ترامب: “لا أفهم كيف لا يدركون أن القوة تكمن في التحالفات”.
ويستخدم مصطلح “الاسترضاء” للإشارة إلى سياسة رئيس الوزراء البريطاني السابق نيفيل تشامبرلين، الذي فاوض أدولف هتلر في ثلاثينيات القرن الماضي بينما كان الزعيم النازي يضم مناطق حدودية إلى ألمانيا تمهيدا للحرب العالمية الثانية.
وكان تشامبرلين قد أعلن، في سبتمبر 1938، أن الاتفاق الذي أبرمه مع هتلر جاء “ليضمن السلام لعصرنا”.
لكن ألمانيا النازية غزت بولندا بعد أقل من عام، لتبدأ بذلك أكثر الصراعات دموية في تاريخ أوروبا.
وكان ترامب قد ادعى خلال حملته الانتخابية أنه يمكنه إنهاء الحرب التي بدأت بالغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في غضون أيام فقط، وكان يستهين بالصراع منذ فترة طويلة معتبرا إياه مضيعة للأرواح ولأموال دافعي الضرائب الأمريكيين.
لكن خلال فترة رئاسته، كان نهجه في التفاوض من أجل وقف القتال متقلبا.
وفي بداية رئاسته، أمر بوقف المساعدات الأمريكية لأوكرانيا قبل أن يستأنفها لاحقا.
وفي الأسبوع الماضي، وقعت إدارته اتفاقا مع كييف يمنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى الموارد المعدنية الضخمة في أوكرانيا، وهو ما اعتبره ترامب “عائدا على الاستثمار” يمكن أن يمهد الطريق لمزيد من المساعدات الأمريكية لأوكرانيا.
كما قال ترامب إن شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا بشكل غير قانوني في عام 2014، “ستظل مع روسيا”، متجاهلا على ما يبدو المطالب الأساسية لأوكرانيا بأن تعيد روسيا كافة الأراضي التي استولت عليها منذ بداية هجومها على جارتها.
دع التاريخ يحكم
وقال بايدن أيضا لـ”بي بي سي”، إن تصريحات ترامب بشأن الاستحواذ على بنما وغرينلاند وكندا أدت إلى انعدام الثقة في الولايات المتحدة لدى الدول الأوروبية.
وأضاف “أي رئيس يتحدث بهذه الطريقة؟ هذا ليس ما نمثله، نحن نتحدث عن الحرية والديمقراطية والفرص، وليس عن المصادرة”.
كما قال بايدن إن انسحابه من سباق الانتخابات الرئاسية لعام 2024 قبل أربعة أشهر من يوم الانتخابات وذلك لتمكين نائبته السابقة كامالا هاريس من الترشح ضد ترامب بدلا منه، كان “قرارا صعبا”. لكنه أصر أيضا على أن التراجع في وقت أبكر، كما يشير بعض منتقديه، لم يكن ليغير شيئا.
وعند سؤاله عن احتفال ترامب بانتصاره في أول 100 يوم من ولايته، رد بايدن قائلا إن “التاريخ هو الذي سيحكم على خلفه”.
وأضاف: “لا أرى أي شيء كان يستحق الاحتفال”.