ففي رسالة وجّهتها الإدارة الأمريكية إلى الجامعة في وقت سابق من هذا الشهر، دعت إدارة ترامب إلى إجراء إصلاحات شاملة في الحوكمة والقيادة داخل هارفارد، بالإضافة إلى تغييرات في سياسات القبول. كما طالبت بإجراء مراجعة شاملة لوجهات النظر المتعلقة بالتنوع على مستوى الحرم الجامعي، والتوقف عن الاعتراف ببعض الأندية الطلابية.
لكن رئيس جامعة هارفارد، آلان غاربر، أكد بعدها أن المؤسسة التعليمية لن ترضخ لهذه المطالب. وبعد ساعات من هذا التصريح، اتخذت الحكومة قرار تجميد منح للجامعة بمليارات الدولارات من التمويل الفيدرالي
وجاء في نص الدعوى التي قُدّمت إلى المحكمة الفيدرالية في بوسطن: “لم تتمكن الحكومة، ولا يمكنها، أن تثبت أي علاقة منطقية بين مخاوفها بشأن معاداة السامية وبين تمويل الأبحاث الطبية والعلمية والتكنولوجية، الذي تم تجميده. حيث أن تلك البرامج تهدف إلى إنقاذ الأرواح الأميركية، وتعزيز النجاح الأميركي، والحفاظ على أمن البلاد، وضمان استمرار قيادتها العالمية في مجال الابتكار”.
وجاء في حيثيات الدعوى أيضا: “لم تعترف الحكومة بالتبعات الهائلة التي يسببها هذا التجميد غير المحدود على برامج البحث العلمي في هارفارد، وعلى المستفيدين من هذه الأبحاث، وعلى المصلحة الوطنية الأمريكية في دعم الابتكار والتقدم العلمي”.
هذا ولم ترد إدارة ترامب بشكل فوري على طلب للتعليق من وكالة “أسوشيتد برس”، كما رفضت المتحدثة باسم وزارة التعليم، مادي بيدرمان، التعليق على القضية.
وفي الرسالة المؤرخة بتاريخ 11 أبريل/ نيسان، طالبت الإدارة الأمريكية جامعة هارفارد بفرض عقوبات أشد على المتظاهرين، وإخضاع الطلبة الدوليين لفحص دقيق للكشف عما إذا كانوا “معادين للقيم الأمريكية”.
كما دعت الرسالة إلى إصلاحات شاملة في قيادة الجامعة، وتعديلات في سياسات القبول، وسحب الاعتراف ببعض الأندية الطلابية. وطلبت الحكومة كذلك إجراء تدقيق على الهيئة التدريسية والطلابية لضمان وجود تنوع واسع في وجهات النظر داخل كل قسم أكاديمي، وإن لزم الأمر، قبول طلبة جدد وتوظيف أساتذة جدد لتحقيق ذلك.
وفي يوم الإثنين الماضي، أكدت الجامعة رفضها الامتثال، مستندة في موقفها إلى التعديل الأول من الدستور الأمريكي الذي يكفل حرية التعبير. وفي اليوم التالي، نشر الرئيس ترامب تعليقاً على منصته “تروث سوشيال”، تساءل فيه عمّا إذا كان ينبغي سحب الإعفاء الضريبي الذي تستفيد منه الجامعة “إذا استمرت في ترويج ما وصفه بـ’المرض’ السياسي والأيديولوجي، بل والمستوحى من الإرهاب أو الداعم له”.
كما هددت إدارة ترامب بمنع الجامعة من تسجيل طلبة دوليين في المستقبل.
وترى جامعة هارفارد أن مطالب الحكومة لا تمثّل تهديداً للجامعة فحسب، بل لاستقلالية الجامعات الأمريكية عموماً، وهو الحق الذي لطالما أقرّته المحكمة العليا في الولايات المتحدة.
من جهتها، تعتبر إدارة ترامب أن هارفارد تمثل أول تحدٍ كبير في مساعيها لفرض تغييرات على المؤسسات الأكاديمية، التي يرى الجمهوريون أنها أصبحت معقلاً لليبرالية ومعاداة السامية.
وقد أدى هذا النزاع إلى توتر العلاقة التاريخية بين الحكومة الفيدرالية والجامعات التي تعتمد على التمويل الحكومي في دعم الأبحاث العلمية الرائدة. فبينما كان يُنظر إلى هذا التمويل على أنه يخدم الصالح العام، بات وسيلة ضغط بيد إدارة ترامب.
وقال آلان غاربر، في رسالة وجهها الإثنين إلى مجتمع هارفارد الأكاديمي: “اليوم، نقف دفاعاً عن القيم التي جعلت من التعليم العالي الأمريكي منارة للعالم”. وأشاد تايلر كاوارد، المستشار القانوني في مؤسسة “الحرية الفردية والتعبير”، وهي مؤسسة غير حزبية تُعنى بالدفاع عن حرية التعبير، بموقف هارفارد، قائلاً: “نثمّن الموقف المبدئي الذي اتخذته الجامعة في وجه تجاوزات الحكومة الفيدرالية التي تهدد القيم الجوهرية للتعليم العالي”.
أما مجلس التعليم الأمريكي، وهو منظمة غير ربحية تضم أكثر من 1600 مؤسسة تعليمية، فقد عبّر عن دعمه للجامعة. وقال رئيس المجلس، تيد ميتشل: “منذ أسابيع، كان واضحاً أن تصرفات الإدارة تنتهك الإجراءات القانونية والقاعدة القانونية. نُشيد بهارفارد لاتخاذها هذه الخطوة ونتطلع إلى موقف قضائي واضح يدين محاولات تقويض البحث العلمي والتعليم”.