بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

اعلان

رغم تصعيد غير مسبوق للهجمات على جبهات متعددة، تشير البيانات إلى أن الهجوم الصيفي الروسي في أوكرانيا بدأ يفقد زخمه بعد أسابيع قليلة من انطلاقه، دون تحقيق اختراقات حاسمة على الأرض، وفقًا لتحليل أجرته صحيفة “التلغراف” البريطانية.

وبحسب الصحيفة، فإن القوات الروسية تسير نحو تحطيم رقمها القياسي في عدد العمليات الهجومية خلال شهر حزيران/يونيو، إلا أن الكثافة النارية لم تُترجم إلى مكاسب استراتيجية ملموسة، إذ أخفقت موسكو في التقدّم ميدانيًا رغم التخطيط المطوّل خلال الشتاء وتجميعها لعدد كبير من الجنود وتحسين التنسيق بين الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة.

من خاركيف إلى دونيتسك: اختراقات محدودة

امتد الهجوم الروسي من شمال شرق أوكرانيا في منطقتي سومي وخاركيف إلى جبهات دونيتسك ودنيبروبتروفسك. وفي شهر مايو، سجلت القوات الروسية أسرع معدل تقدم منذ نوفمبر الماضي، بمتوسط 5.5 ميل مربع يوميًا، أي ضعف المعدل في أبريل، بحسب “ديب ستيت” الأوكراني لرصد التحولات الميدانية.

وتركزت النجاحات المحدودة في منطقة دونيتسك، خصوصًا بين بوكروفسك وكوستيانتينيفكا، إلا أن الزخم بدأ يتلاشى بعد أسابيع من القتال، كما أكدت المحللة أنجيليكا إيفانز من معهد دراسة الحرب (ISW) للصحيفة: “القدرة على إطلاق مرحلة جديدة مفقودة حاليًا لدى الروس. ما يحدث اليوم هو استمرار لما بدأ في الربيع”.

جبهة سومي: الهجوم يتوقف وأوكرانيا تستعيد مواقع

في سومي، توقفت القوات الروسية بشكل شبه كامل رغم محاولاتها للسيطرة على بلدة يونكيفكا القريبة من الطريق المؤدي إلى مركز المدينة. ويؤكد الخبير العسكري الأوكراني بافلو ناروجني أن سقوط البلدة قد يفتح الطريق للمدفعية الروسية نحو سومي نفسها، واصفًا ذلك بأنه “كارثة محتملة”.

لكن القوات الأوكرانية نجحت في وقف التقدّم الروسي في المنطقة واستعادت بعض المواقع.

ويقول ضابط أوكراني رفيع يخوض القتال في محور كوبيانسك: “الهجوم الروسي قد تعثّر عمومًا. لديهم تفوق عددي في الجنود والطائرات المسيّرة، لكن مشاتهم غير مدربين إطلاقًا”.

خطة بوتين: حزام عازل أم توسيع رقعة الحرب؟

رغم أن الهدف المعلن للهجوم الروسي في سومي هو إنشاء منطقة عازلة على الحدود لمنع تسلل الطائرات المسيّرة الأوكرانية، فإن تصريحات الرئيس فلاديمير بوتين أوحت بنيّة أبعد، إذ قال خلال منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي: “مدينة سومي هي التالية. لسنا مضطرين لأخذها، لكني لا أستبعد ذلك”، ما أعاد المخاوف من توسع الهجوم الروسي.

وفي تصريح بارز يوم الخميس، أكد القائد العام للجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي أن القوات الروسية توقفت عن التقدم في سومي، وأن الخطوط الأمامية قد استقرت.

جبهات موازية: الضغط على دونيتسك ودنيبرو

في موازاة ذلك، تسعى روسيا لاختراق منطقة دنيبروبتروفسك والاستمرار في السيطرة الكاملة على إقليم دونباس، حيث تحاول الاستيلاء على كوستيانتينيفكا، المركز اللوجستي الحيوي للجيش الأوكراني، تمهيدًا للهجوم على كراماتورسك وسلوفيانسك.

لكن تحقيق ذلك يبدو بعيد المنال في ظل ضعف أداء القوات الروسية وتراجع قدراتها، إذ أشار ضابط أوكراني إلى أن “السيطرة على كراماتورسك تتطلب 100 ألف جندي إضافي، بينما تطلبت السيطرة على أوديفييفكا 40 ألفًا، وباخموت 70 ألفًا، مع وجود مرتزقة فاغنر المحترفين”.

الاستنزاف والإنهاك بدل الحسم

رغم تفوقهم العددي في بعض المحاور بنسبة 20 إلى 1، فشلت القوات الروسية في السيطرة على كوستيانتينيفكا، إذ صرح قائد أوكراني لـ “نيويورك تايمز” أن الروس يشنّون حتى 15 هجومًا أسبوعيًا في المنطقة، لكن الدفاع الأوكراني ما زال صامدًا.

أما الخبير العسكري نيك رينولدز من المعهد الملكي للخدمات المتحدة، فأوضح أن الروس “غير قادرين على مواصلة الضغط بسبب نقص الذخائر والمدرعات القابلة للإصلاح”.

وفي بوكروفسك، تستمر المعارك بوتيرة عالية لكن بلا نتائج واضحة. وفي توريتسك، تباطأ التقدّم بسبب القتال في المناطق الحضرية.

منجم الليثيوم

في تطور لافت، استولت القوات الروسية هذا الأسبوع على منجم لليثيوم قرب قرية شيفتشينكو غرب دونيتسك. ويُعد هذا المنجم من أغنى احتياطيات أوكرانيا من الليثيوم، ما يشكّل ضربة موجعة لخطط كييف التنموية طويلة الأمد.

حرب استنزاف طويلة المدى

يرى خبراء أن روسيا اختارت نشر قواتها على امتداد الجبهات، في تكتيك يهدف إلى إنهاك الجيش الأوكراني بدل تحقيق اختراقات سريعة. ويقول رينولدز إن موسكو تسعى لـ”انهيار منظّم” للجيش الأوكراني بفعل الضغط المستمر، وهي بذلك تبني على ما تسميه “نظرية النصر العملياتية”.

وتختتم المحللة أنجيليكا إيفانز: “ما نشهده هو استراتيجية لإجبار السكان على الرحيل، تمهيدًا للاستيلاء على المدن لاحقًا. الهدف الحقيقي هو السيطرة على كامل أوكرانيا، وليس فقط المناطق الأربع التي أعلنت روسيا ضمها في عام 2022”.

شاركها.
Exit mobile version