الخرطوم- بعد أن توقفت أصوات المدافع في شوارع العاصمة الخرطوم، بدأت مستشفياتها في مواجهة التحديات التي يعاني منها القطاع الصحي لإعمار ما دمرته الحرب.

وكان الجيش السوداني قد اتهم قوات الدعم السريع، بعد اندلاع المواجهات في أبريل/نيسان 2023، باتخاذ العديد من المستشفيات ثكنة عسكرية، منها مستشفى الدايات بمدينة أم درمان والشعب والأسنان بالخرطوم، مما أدى إلى خروجها وغيرها عن الخدمة وتوقفها عن تقديم الرعاية الصحية للمرضى، خاصة تلك التي تقع تحت نطاق سيطرة الدعم السريع.

ونتيجة للمواجهات العسكرية في العاصمة السودانية، تضررت العديد من مراكز تقديم الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات، وخلفت وراءها آلاف الضحايا ليصبح القطاع في حالة يرثى لها.

تأهيل وإعمار

وتتسارع الخطى يوما بعد آخر لإعادة تأهيل المؤسسات الصحية في الولاية وإعمار ما لحق بها من خراب ودمار وصفته وزارة الصحة في الخرطوم بالممنهج والمخطط له من قبل الدعم السريع.

وبحسب تصريحات وزير الصحة المكلف بولاية الخرطوم فتح الرحمن محمد الأمين، فإن القطاع الصحي بالعاصمة تعافى بصورة كبيرة بعد أن كانت قوات الدعم السريع قد دمرت ما يقارب 256 مركزا صحيا بمحليات الولاية السبع.

وأضاف للجزيرة نت أن الجهود المبذولة من قبل الشركاء في وزارة الصحة الاتحادية والمنظمات والمبادرات المجتمعية أدت إلى تسريع عمليات إعادة تأهيل هذه المراكز. وأشار إلى تشغيل أكثر من 196 مركزا للرعاية الصحية و30 مستشفى تعمل بطاقتها الكاملة، وما تبقى من أخرى يعمل بصورة جزئية، وستُؤهّل وفقا للخطة الموضوعة خلال شهر.

أما بخصوص تحديات التأهيل وإعادة الإعمار التي تشهدها مستشفيات العاصمة، يرى محمد الأمين أن الوزارة قادرة على تجاوزها. ويوضح أن جهود تعافي المستشفيات والقطاع الصحي في الولاية أحرزت تقدما ملحوظا بفضل الدعم المستمر من قبل وزارة الصحة الاتحادية ومنظمة الصحة العالمية ومنظمات دولية ومجتمعية، وستسهم في تحسين الخدمات الطبية التي يحتاجها المرضى وستكون مُرضية لهم.

وفي ظل الصعوبات التي واجهتها الولاية في فترة الحرب من تدمير للبنية التحتية ونهب المعدات الطبية من قبل ما وصفها الوزير بالمليشيا، برزت جهود المنظمات المحلية والدولية “كشعاع أمل من بين أنقاض المباني” لتأهيل القطاع الصحي، حيث انعكس دورها بالتعاون مع الجهات الحكومية المختصة في تدريب الكوادر الطبية وتقديم الدعم اللوجستي، مما أسهم في استعادة كثير من مستشفيات الخرطوم لعافيتها وعزز من قدرتها على تقديم رعاية أفضل للمرضى.

تفاؤل

من جانبه، يقول مدير مستشفى ابن سينا التخصصي محمد إدريس عكاشة -للجزيرة نت- إنه متفائل بتطوير الخدمات الصحية وعودتها بشكل أفضل بعد دعم وتدخل العديد من المنظمات والجهات وحتى من قبل المواطنين، من خلال جهود النظافة والمحافظة على البيئة التي شهدتها المؤسسات الصحية بولاية الخرطوم.

وتتمثل حاجة هذا القطاع في المرحلة الحالية -بحسب عكاشة- في عودة الكوادر والكفاءات الطبية التي غادرت البلاد نتيجة الحرب، نظرا للدور المهم الذي يمكن أن يقدموه للنهوض بخدمات الرعاية الصحية.

من جهتها، تحكي الطبيبة فاطمة بابكر اختصاصية أمراض النساء بمستشفى “النو” فصول معاناتها التي عايشتها في فترة الحرب قبل إحكام الجيش السوداني سيطرته على العاصمة الخرطوم، وتقول -للجزيرة نت- إنه رغم عمليات القصف التي استهدفت المستشفى فإنها فضلت البقاء ومواصلة عملها.

وتضيف أن المستشفى كان الأقرب لسكان محليتي أم درمان وكرري وذلك ما جعلها تعمل ساعات طويلة في ظروف وصفتها بالحرجة، إذ إنهم في بعض الأحيان يقومون بتحويل المرضى إلى عيادات خارج ولاية الخرطوم بسبب محدودية الإمكانات وتوقف العديد من المستشفيات داخل الولاية.

تحسن الخدمات

وتؤكد فاطمة أن القطاع الصحي يشهد تعافيا بنسبة كبيرة عما كان عليه في السابق، وأنه يحتاج إلى تضافر الجهود وعودة الكوادر الطبية، و”إلى وقت أطول حتى يتعافى بصورة كاملة”.

من ناحيته، يقول محمد الريح، الذي كان نازحا في ولاية البحر الأحمر وعاد إلى الخرطوم مؤخرا بعد إصابته بالملاريا، للجزيرة نت، إنه كان يتخوف من عدم وجود مركز صحي بالحي الذي يقطنه في منطقة الفتيحاب وفقا لما شاهده من دمار أثناء رحلة عودته إلى منزله، ووصف الأمر بالمفاجئ له فور وصوله وتلقيه الخدمة الطبية اللازمة في المركز الصحي، فلم يكن يتوقع أن المراكز الصحية تعمل بصورة طبيعية.

وعادت مستشفيات عدة إلى الخدمة بعد توقفها أكثر من عامين جراء الحرب وشهدت تحسنا في تقديم خدماتها الطبية، منها مستشفى أم درمان التعليمي، ومستشفى الخرطوم التعليمي، ومستشفى إبراهيم مالك، ومركز الشعبية جنوب، بالإضافة إلى مستشفيات ومراكز رعاية صحية أخرى.

شاركها.
Exit mobile version