في إحدى الأمسيات في العاصمة السنغالية دكار، شرح الإمام إبراهيم ديان لمجموعة من الرجال سبب وجوب انخراطهم بشكل أكبر في الأعمال المنزلية.

قال ديان، البالغ من العمر 53 عاما “الرسول نفسه (صلى الله عليه وسلم) يقول إن الرجل الذي لا يساعد زوجته وأطفاله ليس بمسلم صالح”، وذلك أثناء حديثه عن استحمام طفله ومساعدته لزوجته في المهام المنزلية الأخرى.

ضحك بعض الرجال، غير مقتنعين تماما، بينما صفق آخرون.

كان ديان يشارك في “مدرسة الأزواج”، وهي مبادرة مدعومة من الأمم المتحدة، يتعلّم فيها رجال يحظون بالاحترام المجتمعي مفاهيم “الذكورة الإيجابية” في ما يتعلق بالقضايا الصحية والاجتماعية، ويقومون بنشر هذه المفاهيم داخل مجتمعاتهم.

في السنغال، كما هو الحال في العديد من دول غرب أفريقيا ذات الكثافة السكانية الريفية أو المحافظة، غالبا ما تكون الكلمة الأخيرة للرجال في القرارات الأسرية الكبرى، بما في ذلك تلك المتعلقة بالصحة.

epa12298095 Muslims from the Senegalese Mourides Brotherhood of Islam attend the Grand Magal, or pilgrimage, of Touba, Senegal, 13 August 2025. The pilgrimage dates back to 1928 and commemorates the exile of Cheik Amadou Bamba in 1895 by the French colonial government. Bamba, the founder of 'Mouridiya' Mouridism, was sent into exile in Gabon, then Mauritania, for a total of 32 years as the French feared his political and religious influence in Senegal and West Africa. Millions of followers from the Senegalese diaspora return annually to attend the pilgrimage to honor Bamba, who is nowadays considered a symbol of resistance to colonialism. EPA/JEROME FAVRE

قد تحتاج النساء إلى إذن أزواجهن لاتخاذ قرارات مصيرية، مثل الحصول على خدمات تنظيم الأسرة أو خدمات الصحة الإنجابية الأخرى، وكذلك الولادة في المستشفيات أو تلقي الرعاية السابقة للولادة.

بعد التحاقه بمدرسة الأزواج، بدأ ديان يُلقي خطبا منتظمة خلال صلاة الجمعة، يناقش فيها قضايا النوع الاجتماعي والصحة الإنجابية، من العنف القائم على النوع إلى مكافحة الوصمة المرتبطة بفيروس نقص المناعة البشرية.

قال ديان “الكثير من النساء يُثنين على خطبي”، وأضاف “يقلن إن سلوك أزواجهن تغيّر منذ حضورهم لها”.

كما أشار إلى أن بعض الرجال أخبروه أن هذه الخطب ألهمتهم ليكونوا أزواجا وآباء أكثر اهتماما ورعاية.

أُطلق البرنامج في السنغال عام 2011، لكنه جذب في السنوات الأخيرة اهتمام وزارة المرأة والأسرة والنوع وحماية الطفل، التي تعتبره إستراتيجية فعالة لمكافحة وفيات الأمهات والأطفال.

قالت عايدة ديوف، وهي عاملة صحية تبلغ من العمر 54 عاما وتتعاون مع البرنامج “من دون إشراك الرجال، لن تتغير المواقف تجاه صحة الأم”. وأوضحت أن العديد من الأزواج يفضلون ألا تُعالج زوجاتهم على يد عاملين صحيين من الذكور.

كما ركزت النقاشات المخصصة للرجال على حقوق الفتيات، والمساواة، والآثار الضارة لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث.

ويعمل البرنامج حاليا في ما لا يقل عن 20 مدرسة في أنحاء السنغال، وقد تم تدريب أكثر من 300 رجل.

في بعض المجتمعات، أصبح رجال كانوا يُكرّسون الأعراف الذكورية يروّجون اليوم للمساواة الجندرية، وهو تحول أدى إلى انخفاض عدد الزيجات القسرية، وزيادة تقبّل تنظيم الأسرة، وفقا لوزارة النوع السنغالية.

ينضم الرجال إلى هذه المجموعات بعد اختيارهم بناء على الثقة والقيادة والالتزام. ويُشترط أن يكون المرشحون متزوجين، ويحظون بالاحترام المحلي، ويدعمون صحة النساء وحقوقهن.

بعد التدريب، يعمل هؤلاء الرجال كمثقفين، يزورون المنازل ويعقدون جلسات نقاش غير رسمية.

ورغم انخفاض معدلات وفيات الأمهات والأطفال في السنغال خلال العقد الماضي، فإن الخبراء يؤكدون أن الطريق لا يزال طويلا.

فقد سجلت البلاد 237 حالة وفاة للأمهات لكل 100 ألف ولادة حية في عام 2023، ووفاة 21 مولودا من كل ألف خلال الشهر الأول.

وتطمح الأمم المتحدة إلى خفض هذه الأرقام إلى 70 و12 على التوالي بحلول عام 2030.

قال الحاج مالك، أحد منسقي البرنامج “من خلال تثقيف الرجال حول أهمية دعم زوجاتهم أثناء الحمل، وأخذهن إلى المستشفى، والمساعدة في الأعمال المنزلية، فإننا نحمي صحة الناس”.

وأشار إلى أنه لا يزال يواجه صعوبات في تغيير بعض المواقف.

وأضاف “لكن عندما نُركّز على حق النساء في الصحة، فإننا نُضفي بُعدا إنسانيا على المفهوم، فيصبح عالميا”.

شاركها.
Exit mobile version