البعض يظن أن أي رحلة إلى المريخ تعني أن رواد الفضاء سيضطرون للبقاء هناك لمدة سنتين إلى 3 سنوات قبل العودة، لأن كوكبي الأرض والمريخ يدوران حول الشمس بشكل لا يسمح بتقارب بينهما إلا كل 26 شهرا تقريبا.

جعل ذلك العلماء يعتقدون سابقا أنه لو وصل رواد الفضاء إلى المريخ، سيكون عليهم انتظار فترة طويلة حتى يعود الكوكبان إلى الوضع المناسب للعودة.

جهود التسريع

لكن دراسة صدرت في دورية “سبيس ويذر” تقول العكس، حيث قام الباحثون بدراسة مسارات الطيران الممكنة بين الأرض والمريخ، ووجدوا أنه يمكن القيام برحلات قصيرة المدى إلى المريخ، بحيث لا يضطر الرواد للبقاء طويلا هناك.

وحسب الدراسة، يمكن أن يتم ذلك عبر ما يُسمي مسارات “التحليق السريع”، وهي مسارات في الفضاء بين الكوكبين تستخدم الطاقة بشكل أكبر لكنها تقلل وقت الرحلة بشكل كبير، بحيث يمكن للرحلة أن تستغرق شهورا قليلة فقط للوصول إلى المريخ، بدلا من الرحلات التقليدية التي قد تأخذ 9 أشهر أو أكثر.

وبفضل هذه المسارات، يمكن للطاقم أن يقضي 30 إلى 60 يوما فقط على سطح المريخ، وليس سنوات، لكن هذه الفكرة تحتاج استخدام محركات قوية جدا مثل الدفع النووي الحراري أو الدفع الكهربائي المتقدم، وتحتاج إلى الاعتماد على إعادة التزود بالوقود في الفضاء لمواصلة الرحلة ذهابا وإيابا.

مشكلة المريخ

لكن لِمَ يجب ألا يقضي رواد الفضاء الكثير من الوقت على المريخ أصلا؟ حسب الدراسة، فإن إرسال رواد فضاء بشريين إلى المريخ من العلماء والمهندسين يتطلب التغلب على مجموعة من العقبات التكنولوجية والطبيعية، أهمها الخطر الجسيم الذي تشكّله الإشعاعات الصادرة من الشمس والنجوم والمجرات البعيدة.

وقد أوضح الباحثون أنه ينبغي أن يكون البشر قادرين على السفر بأمان من وإلى المريخ، شريطة أن تكون المركبة الفضائية مُزوّدة بدروع كافية، وأن تكون رحلة الذهاب والإياب أقصر من 4 سنوات تقريبا.

كما أفادو بأن توقيت مهمة بشرية إلى المريخ سيُحدث فرقا كبيرا، فقد حدد العلماء أن أفضل وقت لمغادرة الأرض هو عندما يكون النشاط الشمسي في ذروته، حيث إن النشاط الشمسي يتغير في دورة تتكرر كل 11 سنة، فيبدأ ضعيفا ثم يتصاعد إلى قمته.

حد السنوات الأربع

وتُظهر حسابات العلماء أنه من الممكن حماية مركبة فضائية متجهة إلى المريخ من الجسيمات النشطة القادمة من الشمس، لأنه خلال ذروة النشاط الشمسي، تنحرف الجسيمات الأكثر خطورة وطاقة، والقادمة من المجرات البعيدة، بفعل النشاط الشمسي المتزايد.

وفي هذا السياق يقول الباحثون إنه من المهم أن تصل مهمة بشرية إلى الكوكب وتعود إلى الأرض في أقل من عامين، ويوصي الباحثون بمهمة لا تتجاوز 4 سنوات بأي حال من الأحوال.

وقد حدد الباحثون هذه النافذة بناء على دراسة قدر الإشعاع، فالرحلة الأطول من شأنها أن تُعرّض رواد الفضاء لكميات عالية من الإشعاع بشكل خطير خلال رحلة الذهاب والإياب، حتى مع افتراض أنهم انطلقوا في أوقات أكثر أمانا نسبيا من الأوقات الأخرى.

شاركها.
Exit mobile version